اعتبر عدد من المختصين في القضية الإسكانية، أن أهم أسباب تفاقمها في الكويت، يعود إلى البيروقراطية الحكومية وسوء الإدارة في تحرير الأراضي الجاهزة ببنيتها التحتية، حيث تتوافر لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية، أراضٍ شاسعة تتسع لـ 150 ألف طلب إسكاني.
ورأى المختصون عبر برنامج «خارج الأدراج» عبر قناة «الراي»، أن التمويل العقاري غير المستدام والمعتمد على ميزانية الدولة، أثر سلباً في تحريك عجلة توزيع الطلبات الإسكانية وساهم في تضخمها حتى وصلت إلى 90 ألف طلب تقريباً، بينما نمو الطلبات الإسكانية السنوي يقدر بنحو 8 آلاف طلب إسكاني جديد، في حين تقدر كلفة تلبية الطلبات خلال 20 سنة بـ 92 مليار دينار.
وتطرقوا إلى الكثير من العراقيل التي تواجه إنجاز المشاريع الاسكانية، ومدى جدوى المعالجة البرلمانية للقضية الإسكانية، والأسباب الخارجية من تأخر المقاول إلى غياب القطاع الخاص، إلى تدخلات شخصية، مروراً بالتحدي الأكبر في إنتاج الطاقة وتوزيعها على المدن السكنية، فضلاً عن قضايا التمويل العقاري والسيولة المالية.
وشارك في البرنامج مع الزميل عبدالله بوفتين كل من: نائب المدير العام لشؤون الاستثمار ومشاريع القطاع الخاص في المؤسسة العامة للرعاية السكنية المهندس أنور الحليلة، وعضو مجلس الأمة ولجنة الإسكان والعقار الدكتور عبدالعزيز الصقعبي، والرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية رئيس اتحاد العقاريين المهندس إبراهيم العوضي، ونائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك بوبيان عادل الماجد.
المدن الإسكانية أفضل الحلول لكن لن نراها قبل 5 سنوات
الماجد: حل القضية حتى 2035
بتوزيع 15 ألف وحدة سكنية... سنوياً
اعتبر عادل الماجد أن العملية الاقتصادية تخضع للعرض والطلب، وإذا لا يوجد أراضٍ معروضة، فلابد من تحريرها.
وأضاف يجب أن يكون لدينا منطق «كمواطنين أننا لا نكون جميعنا على الدائري الثاني أو الثالث، في السابق كانت القرين بعيدة، والآن أصبحت داخل المحيط العمراني. والآن المطلاع الكل يتجه لها، فالموضوع الأول هو تحرير الأراضي... الكلام حلو والتنفيذ هو الأساس، ونتخوف من البيروقراطية»، مبيناً أن الاقتصاد المعتمد على التمويل العقاري في الإسكان دعامة في أي اقتصاد عالمي ففي أميركا اقتصاد مؤثر على المجتمع بشكل عام. وعندما تدور عجلة البناء فيها المطلاع جميع الشركات المعنية من حديد واسمنت وغيرها سيصل الى تحريك عجلة الاقتصاد والنتيجة استقرار المواطن.
مشكلة السيولة
وتحدث عن تجربته خلال 5 سنوات في رئاسة اتحاد المصارف، أن قانون التمويل العقاري يصل إلى مرحلة ثم يقف فكل مجلس أمة يأتي نذهب إليهم لإثارة الموضوع من جديد، كما ان هناك مشكلة السيولة المالية، فالدولة توزع 5 آلاف بيت، ثم تقف فترة، ثم تقول خذوا 300 مليون لتحرك عجلة توزيع المساكن، وهذا إجراء غير مستدام، ولذلك وصلت الطلبات الاسكانية إلى 90 إلفاً، وهناك دراسة لبنك الائتمان مفادها أن حل المشكلة في 2035 بتوزيع 15 ألف وحدة، وذلك لدخول 8 آلاف طلب سنوياً و7 يخرجون من المخزون، ولو كانت الحكومة ترغب في إنشاء 50 ألف وحدة بشكل مفاجئ، تحتاج أن تمنح 100 ألف دينار لكل مواطن، والإجمالي سيصل إلى 5 مليارات، فالحكومة لا تملك السيولة، ولابد أن تكون هناك استدامة للتمويل العقاري لبنك الائتمان، فحسب دراسة البنك «15 مليار دينار، يجب أن تدفعها الحكومة والمواطن يأخذ من البنوك أيضاً 70 ألفاً أخرى 15 مليار من البنوك المحلية فكيف سيتم توفير المبلغ؟».
«أرض وقرض» غير مجدية
ولفت الماجد إلى أنه حسب التعليمات الموجودة لدينا أن نمول كحد أقصى إلى 70 ألف دينار، وبنك الائتمان يعطي 70 ألفاً بالإضافة إلى 30 الفاً دعم المواد الانشائية وفي الوقت الحاضر تكفي، في السعودية أقروا التمويل العقاري والمطور العقاري ولكن بشكل أصغر 200 و300 بيت «ونحن مازلنا واقفين، فالطريقة الحالية نعتقد أنها غير مجدية (أرض وقرض) لأننا لا نفهم في بناء البيوت، فالمقاول ممكن يقف في منتصف الطريق، وهي حالات كثيرة ويومية، فالحلول التي نتحدث عنها لن تكون بالسرعة المطلوبة، وعلينا أن نكون واقعيين، فالمدن الإسكانية أفضل ولكن لن نراها قبل 5 سنوات، والآن نتماشى مع الوضع القائم».
البنوك والتمويل العقاري
ورأى أنه لابد أن يتم التمويل العقاري كما هو في العالم بحسب الدخل، حيث أننا الآن نعامل الناس بشكل متساوٍ في التمويل العقاري، فحددنا 70 ألفاً، وندرس أن 15 سنة قليلة، ونحن الآن على ميزانيات البنوك لتمويل القروض الاسكانية، في كل البنوك هي 15 مليار دينار، ومع تزايد الأرقام لا تستطيع البنوك أن تتحملها على ميزانيتها، فلا يوجد في الكويت قانون الصكوك إلى الآن. فما سيحصل انه سيكون هناك تصكيك من خلال محفظة ويباع لمستثمرين للعائد الأكثر، وهذا يدور الأموال ويعطي البنوك إمكانية لاستمرار التمويل العقاري، وكل هذه الحلول موجودة في الخارج، مبيناً أن «المواطن إذا كان قاعداً في الايجار 15 سنة، يدفع 500 دينار فإجمالي المبلغ 90 ألفاً يدفعها إيجارات، والمفروض أن يضعه في الاستثمار في بيته الخاص، وهذا يسمونه توفيراً إجبارياً».
الأراضي متاحة.... وتعاون من «البلدي» والبلدية في تحريرها
الحليلة: أسباب خارجية لعدم مواكبة الطلبات من تأخر المقاول... إلى غياب القطاع الخاص
قال المهندس أنور الحليلة، إن الطلبات الاسكانية القائمة وصلت اليوم الى نحو 90 الفاً، ولدينا بعض المشاريع تحت التنفيذ ومشاريع تم تسليم أوامر البناء لكثير من الوحدات.
وأضاف ان متوسط أعداد الطلبات المقدمة للمؤسسة تقدر بـ 8 آلاف طلب سنوياً، وبالتالي إذا اعتبرنا أن إنشاء أي مشروع إسكاني على مستوى مدينة بـ32 ألف وحدة سكنية، حتى أغطي مدة المشروع يتطب ذلك 4 سنوات، وبالتالي العملية مستمرة في طلب الخدمة، ويتطلب من المؤسسة مواكبة الطلب وبشكل متسارع، ففي فترات متفاوتة كان هناك انخفاض في توزيع الوحدات السكنية.
أسباب عدم المواكبة
ولفت الحليلة إلى أن هناك أسباباً عدة، لعدم مواكبة المؤسسة للطلبات الاسكانية، ومنها أسباب قد تكون خارج إدارة المؤسسة والدولة كونها متعلقة بإنجاز بعض الأطراف المعنيين، فالعملية تتعلق بالعديد من الأنشطة. وقد نواجه بعض المخاطر من أطراف أخرى، منها تأخر مقاول عن تنفيذ مشروع معين، أو تأخر إدارة معينة بتنفيذ خدمة مصاحبة للمشاريع الإسكانية، ولكن بشكل عام بات على كاهل الدولة حمل كبير في التنفيذ المباشر للوحدات السكنية وغياب القطاع الخاص بالنهوض بدوره، والذي قد يكون متاحاً ومنظماً من فترات بعيدة، وهذا أدى لتفاقم أعداد الطلبات حيث وصلنا الى 90 الفاً، وبالتالي العملية تتطلب الإنجاز بشكل أسرع مما هو متاح حالياً.
الأراضي متاحة
وأشار إلى أن لا ارتباط بين تحرير الأراضي والعملية الإنتاجية الاسكانية، هناك تعاون من المجلس البلدي وبلدية الكويت في شأن تحرير الأراضي، وأعتقد الأراضي متاحة، فغير القائمة، الآن لدينا مدينة الخيران والصابرية ومدينة نواف الأحمد، وهذه المدن تصل وحداتها السكنية الى 150 ألفاً تقريباً، فالأراضي متوافرة (...) والأعمال قد تحال الى القطاع الخاص وفق نظام معين، وتكتفي المؤسسة بالتنظيم والرقابة، لتتم عملية تسليم الأراضي للمواطنين بشكل أسرع وتجاوز مخاطر كبيرة ومنها عمليات التصميم والتنفيذ والتوزيع على المواطنين.
توفير الطاقة أمر معقد
وأضاف: إذا تركنا الأعمال التي تتأخر في التصميم والتنفيذ، هناك أعمال من الممكن أن يكون فيها تأخر في خدمات المدن والمشاريع الاسكانية، ومن أهمها توفير الطاقة الكهربائية، وهو أمر معقد ويحتاج الى تكامل الجهات لتوفير الطاقة بموعدها، والجهود الحكومية تحاول تقليل المدد الزمنية لتوفير الطاقة بموعدها، ولدينا المشاريع الأخيرة ونحن ملتزمون بتوفير الطاقة لها، عبر تنسيقنا مع وزارة الكهرباء، في شأن إنتاج الطاقة وتوزيعها على المدن السكنية، وهذا أكبر تحدٍ نواجهه في تطوير المدن السكنية، بالإضافة الى التزامات الجهات الحكومية بتشغيل المباني العامة للمدن.
«الواقع أسوأ مما درست في الكتب والأوراق»
الصقعبي: الإسكان قضية سهلة فنياً... معقدة سياسياً
أعرب النائب الدكتور عبدالعزيز الصقعبي، عن مخاوف كثير من الشاب من الزواج لأنه لا يعرف أين سيسكن، وقال «بالنسبة لي قضية الإسكان قضية أكبر من البرلمان والعمل التشريعي، هي قضية دراسة وتخصص».
وأضاف «دخلت البرلمان عام 2020 ووجت واقعاً أسوأ مما درست في الكتب والأوراق، واقع سيئ جداً، وجدت أكثر من 100 ألف طلب قائم وبعض المناطق المعطلة بسبب البيروقراطية الحكومية، وأحياناً بسبب تدخلات على القرار السياسي، مثل جنوب سعد العبدالله، 5 سنوات متعطلة بـ 3 معوقات وعندما فككناها، وصلنا إلى حلول سهلة ووجدنا أن التعطيل كان بفعل فاعل».
وقال «مناطق مثل جنوب عبدالله المبارك وخيطان والمطلاع بنيتها التحية جاهزة والناس تنطر بحجة ان بنك الائتمان مفلس، وجدنا ان بنك الائتمان حصالة تحط فيه فلوس وتوزع على الناس، ولا مشروع استدامة له، الرهن العقاريمشروع حكومي مطروح في 2015 يصل للبرلمان في 2021، بغض النظر عن جودته، نحن اليوم طورنا الأفكار ووصلنا الى مقترحات مختلفة، مثل استدامة القروض لبنك الائتمان وغيرها».
وأصاف «وصلنا سنة 2020 وجدنا أسعار العقار في تضخم خيالي 19.5 في المئة زيادة سنة واحدة، وهذا الخلل المتكرر اضطرنا الى تحليل الشيفرة للوصول الى الحلول تشريعية حقيقية تعالج المشكلة من جذورها، ملينا من الحلول الترقيعية، وقرارنا كان أن نصل إلى خارطة إسكانية فيها ما يزيد على 10 قوانين وأربع حزم إسكانية، تعالج القضية من جذورها، حيث نريد ان نصل الى طلبات انتظار صفر وعقار معتدل في سعره، بحيث يشتريه المواطن في مناطق السكن الخاص، فالقضية الاسكانية سهلة من الناحية الفنية ومعقدة من الناحية السياسية».
واعتبر أن «السكنية» بحوزتها أراضٍ بمساحات تفوق بقدرتها 200 ألف وحدة، المشكلة الاستصلاح، فالخارطة الاسكانية تعتمد على 3 حزم رئيسية، حزمتان أراهما مهمتين، هما حزمة معالجة الفوضى العقارية وحزمة استدامة الرعاية السكنية، والأخيرة معنية بالتصرف في الأراضي الموجودة لدى المؤسسة، ويكون التصرف فيها من خلال سيولة البنية التحتية، فالدولة لا تستطيع أن تمنحك 5 مليارات من «اللحم الحي» وتقول لك انتظرني 15 سنة أو أكثر للصرف على البنية التحتية أو يتم ذلك من خلال شراكات عالمية وهذا ما عالجه قانون المدن الاسكانية، وسيولة بنك الائتمان.
هناك أسئلة برلمانية وجهت للجهاز التنفيذي، وجاء الرد عليها من الحكومة عندما 4 أشخاص يملك كل واحد منهم ما لا يقل عن 100 بيت، فهذا ليس احتكاراً للسكن الخاص، فاليوم السكن الخاص للسكن الخاص، اذهب اشتر 100 عمارة لا أحد يكلمك. لكن تملك 100 بيت، هل هذا للسكن الخاص؟
وبالنسبة للطاقة، قال «لدينا أفضل فرصة لانتاج الطاقة الشمسية أين وصلنا في هذا المشروع وباقي 7 سنوات لانتهاء الخطة؟». وأضاف «اليوم 2023 إنتاجنا 0.3 من الطاقة النظيفة، للأسف نتحدث عن بيروقراطية متعبة وسوء إدارة وانعدام رؤية»، منبهاً إلى تحول السكن الخاص إلى استثماري فلابد أن ننتبه له، فنحن لا نقوم بلوم التاجر البسيط الذي يبحث عن الفرصة الاسثمارية، فهو بالتالي مواطن، مبينا أن هناك ضغوطاً كبيرة على النواب، وشركات عقارية (أشكره) تسوق عقارات ذات مردود مالي كبير 50 أو 60 ألف دينار في السكن الخاص من إيراد الإيجارات، ودور الحكومة أن تستعجل زيادة المعروض.
وبين الصقعبي أن نسبة الطلبات الملغية من طابور الانتظار كانت تصل الى 57 في المئة، وفي آخر التسعينيات انخفضت النسبة إلى 13 في المئة، وبعد 2004 نسبة الطلبات الملغية صفر، فالمواطن أصبح يعتمد اعتماداً كلياً على الإسكان الحكومي وهذه مصيبة.
الفلسفة الحكومية والبرلمانية بدأت تتغيّر
العوضي: رواتب 15 عاماً... لشراء سكن
رأى المهندس إبراهيم العوضي أن المدة الحالية للموظف الكويتي ليشتري عقاراً سكنياً هي 13 الى 15 سنة، بعد أن يجمع فيها راتبه وراتب زوجته، فعدد الوحدات الموجودة في الكويت 207 آلاف وحدة وعندما نقارنها بعدد الطلبات الاسكانية الـ90 ألفاً، يكون أن هناك ثلثاً جديداً لابد أن يدخل السوق، وبالتالي عدد الطلبات الاسكانية كبير جداً ومن الصعب جداً أن يستوعبه السوق.
وأضاف أنه في 2022 عدد الأراضي الفضاء الموجودة 41 ألف أرض فضاء، إذا ما استثنينا مدينة المطلاع، والتي تحتوي على 28 ألف وحدة سكنية تقريباً، وبالتالي الأراضي الفضاء لا تتجاوز 20 ألفاً، فعندما نتحدث عن 90 ألف أسرة مقابل وجود 20 ألف أرض فضاء، فمن الطبيعي أنها لا تكفيهم لتحقيق هدف السكن، وبالتالي هذا من أسباب زيادة الأسعار.
وأشار العوضي إلى أن نسبة الأراضي الفضاء، مقارنة بالمبنية، وجعل مدينة المطلاع ضمن الحسبة، 21 في المئة، وإذا استثنينا المطلاع نسبة الأراضي الفضاء 9 في المئة، مبيناً أن الدول المجاورة فيها وفرة في الأراضي، تمكن المواطن أن يشتري، وهناك عوامل أخرى زادت أسعار الأراضي منها التضخم وغيرها، فالزيادة في الكويت بعد أزمة «كورونا» لا معقولة ولا مقبولة ولا منطقية، فقد تضاعفت بأسعار ضخمة.
وتابع أن المناطق الخارجية شهدت مضاربات عنيفة من تجار ومن مواطنين مقتدرين، وبالتالي عندما نحلل أي أمر اقتصادي نربطه بموضوع العرض والطلب كل ما زاد العرض قل السعر والعكس صحيح، ونحن مع المجلس والحكومة في إقرار القوانين، ولكن الأهم عمل ما هو لازم لتحرير أكبر قدر ممكن من الأراضي وتكون جاهزة ببنيتها التحتية، والسؤال هل الأراضي ستنزل أسعارها؟ لا. إلا اذا أقررنا قوانين وحررنا أكبر قدر ممكن من الأراضي.
وبين العوضي أن اتحاد العقاريين قام بدراسة قبل سنة، لتقدير الطلبات الاسكانية وما هي حاجة المالية للدولة، فعدد الطلبات الإسكانية المتوقعة 367 ألف طلب خلال 20 سنة قادمة، تكلفة الطلب الواحد، وهي مرتبطة بالبنية التحتية وغيرها والبنية الفوقية والكهرباء والماء وغيرها تقريباً 250 ألف دينار، فالدولة تحتاج الى 92 مليار دينار تقريباً خلال 20 سنة قادمة لتوفي الطلبات الإسكانية القادمة وهذا رقم ضخم جداً... ما يفرحنا أن الفلسفة الحكومية والبرلمانية بدأت تتغير بالنسبة لمعالجة القضية الإسكانية.