أحمد مغربي
حققت الكويت أداء جيدا لإيرادات الاستثمار في الخارج خلال الربع الأول من 2024، من خلال تحقيق 2.23 مليار دينار دخلا في الاستثمارات بنهاية مارس 2024، مقارنة بدخل استثمارات بلغ 2.27 مليار دينار خلال الربع الأول من 2023، وبانخفاض طفيف بلغ 1.7%، وبالمقارنة على أساس ربعي فقد انخفض دخل الاستثمارات بنحو 6.3% خلال الربع الأول مقارنة بالربع الأخير من 2023 والذي سجل فيه الدخل مبلغ 2.38 مليار دينار.
ووفقا للبيانات المالية الرسمية الصادرة عن بنك الكويت المركزي، والتي اطلعت عليها «الأنباء»، يعكس بند «دخل الاستثمار» - وهو جزء من ميزان مدفوعات الكويت - التدفقات العائدة من رأس المال المستثمر في الخارج. هذا الأداء القوي يعزى إلى عدة عوامل، أبرزها الاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، الذي عزز عائدات الودائع المصرفية وسندات الخزانة قصيرة الأجل، ما ساهم في زيادة إيرادات استثمارات المحافظ، كما أن إيرادات الاستثمار المباشر في الخارج لعبت دورا محوريا في الحفاظ على مستوى جيد من العائدات رغم التوترات الجيوسياسية والاضطرابات في الأسواق العالمية.
ويعتبر حجم إيرادات الاستثمار كبيرا نظرا لإمكانية تكونه في الغالب من عائدات الحكومة على استثماراتها الضخمة في الخارج، والتي تديرها الهيئة العامة للاستثمار، ويساوي إجمالي إيرادات الاستثمار نحو نصف الإيرادات التي تحققها الدولة من صادراتها النفطية، ويلاحظ أن هذه الإيرادات التي يعاد استثمارها من قبل الهيئة العامة للاستثمار غير مدرجة ضمن حسابات الميزانية الرئيسية للحكومة.
وأظهرت بيانات بند «دخل الاستثمار» الذي يضم الاستثمار المباشر واستثمارات المحفظة المالية واستثمارات أخرى، أن دخل الاستثمار في 2024 حقق نحو 2.23 مليار دينار، وتنقسم مداخيل الاستثمار الكويتي بالخارج بحسب طبيعة الاستثمار إلى 3 أنواع رئيسية تفصيلها كالتالي:
1 - الاستثمار المباشر: جاء بعائد بلغت قيمته 503.4 ملايين دينار، ومسجلا انخفاضا على أساس ربع سنوي بنحو 4.8%، مقارنة باستثمار مباشر خلال الربع الأخير من 2023 بلغ مستوى 529.1 مليون دينار، ويتركز ذلك الاستثمار في الحصص والملكية المباشرة في الشركات والمصانع بكل القطاعات الاقتصادية.
2 - استثمارات المحفظة المالية: جاءت بعائد وصل إلى ما قيمته نحو 1.3 مليار دينار، وذلك بنمو قياسي بلغ 4.8% على أساس ربع سنوي، ونمو بلغ 13% على أساس سنوي، وبلغ عائد استثمارات المحفظة المالية في الربع الرابع من العام الماضي نحو 1.25 مليار دينار، وفي الربع الأول من 2023 نحو 1.15 مليار دينار، ويتركز الاستثمار بالمحفظة المالية تحديدا في السندات والأسهم.
3 - استثمارات أخرى: جاءت بعائد تبلغ قيمته نحو 739.2 مليون دينار بنهاية الربع الأول من 2024، مقارنة بـ 795.4 مليون دينار خلال الربع الرابع من 2023، أي بانخفاض بلغ 7%، وتمثل تلك القيمة باقي الاستثمارات غير المباشرة من الشراكات والمساهمة بمشروعات والاستثمارات غير المالية.
4 - الأصول الاحتياطية: بلغت بنهاية الربع الاول من 2024 مستوى 180.6 مليون دينار.
وعلى الجانب الآخر من ميزان المدفوعات، بلغت القيمة الصافية لتدفقات الحساب المالي 3.79 مليارات دينار بنهاية الربع الأول من 2024، مقابل 4.11 مليارات دينار خلال الربع الأخير من 2023، ويعزى هذا الانخفاض البالغ 17.2% بصفة رئيسية إلى تقليص الاستثمارات المباشرة في الأوراق المالية في الخارج.
وفي الوقت ذاته، انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت بنسبة كبيرة بلغت 76% خلال الربع الأول من 2024 ليسجل 39.6 مليون دينار، مقارنة بنحو 165.6 مليون دينار خلال الربع الرابع من 2023، وعلى أساس سنوي فقد انخفض بشكل كبير عندما بلغ في الربع الأول من 2023 بما قيمته 286.3 مليون دينار وبتراجع بلغ 86.1%.
إستراتيجية مدروسة
وإجمالا، تظهر البيانات أن ارتفاعات أسعار الفائدة الأميركية قبل قرار تخفيضها في اجتماع 18 الجاري، كان له تأثير مباشر على أداء الاستثمارات الكويتية في الخارج خلال الربع الأول من العام الحالي، لاسيما استثمارات المحفظة المالية والودائع، مع ارتفاع أسعار الفائدة، زادت العوائد على الأصول ذات الفوائد الثابتة، مثل السندات وسندات الخزانة قصيرة الأجل، ما عزز بشكل ملحوظ إيرادات الاستثمارات الكويتية، وهذا يعكس استراتيجية مدروسة للاستفادة من الأوضاع الاقتصادية العالمية في تحسين العوائد على الأصول النقدية والمخاطر المنخفضة، ولكن من جهة أخرى، يجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير التحركات المحتملة في السياسات النقدية للبنوك المركزية العالمية على التوقعات المستقبلية لهذه العائدات.
وعند تحليل الأداء المالي لكل من الاستثمار المباشر واستثمارات المحفظة، يظهر تباين واضح في النمو والعوائد. بينما انخفض العائد من الاستثمار المباشر بنسبة 4.8% على أساس ربعي، حققت استثمارات المحفظة المالية نموا قويا بنسبة 4.8% ربعيا و13% سنويا. يعزى هذا التباين إلى طبيعة استثمارات كل فئة، حيث ترتبط استثمارات المحفظة غالبا بأصول سائلة وسريعة الحركة مثل الأسهم والسندات التي تتأثر سريعا بالتغيرات في أسعار الفائدة وأسواق المال العالمية.
وفي المقابل، يعتمد الاستثمار المباشر على الحصص طويلة الأجل في الشركات والمشاريع الصناعية، والتي تتأثر بتغيرات الاقتصاد الكلي، وتحتاج لفترات أطول لتحقيق عوائد ملموسة.
وتعكس هذه الأرقام قدرة الكويت على إدارة المخاطر المتعلقة باستثماراتها الخارجية. فتنوع مصادر العائد، بين الاستثمارات المباشرة، والمحفظة المالية، والأصول الاحتياطية، يسهم في تقليل تأثير التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية على الأداء العام للاستثمار. تقوم الهيئة العامة للاستثمار بتطبيق سياسات استثمارية حذرة ومتنوعة جغرافيا وقطاعيا، ما يحد من تعرض الكويت للمخاطر الإقليمية ويعزز من قدرتها على تحقيق عوائد مستدامة على المدى الطويل.
News source https://www.alanba.com.kw/1274949