من الإنصاف الإشارة إلى الجهود المبذولة من مجلس الأمة الحالي تجاه القضية الأولى من حيث الأهمية لدى شريحة عريضة من المواطنين، ألا وهي القضية الإسكانية. حيث تمثلت في إقرار قوانين المدن الإسكانية والوكالة العقارية واحتكار الأراضي الفضاء، وكذلك هنالك قانون التمويل العقاري، الذي من المتوقع إقراره قريبا، بحسب الخارطة التشريعية المعلنة مؤخرا. إلا أنه يهمنا في هذه المقالة القوانين التي تم إقرارها حتى الآن، حيث كان قانون إنشاء شركات المدن الإسكانية الأول إقرارا في يوليو الماضي، وهو برأيي الأهم كدور في حل المعضلة الإسكانية، حيث صرح رئيس اللجنة الإسكانية د. حسن جوهر بأن هذا القانون يكفل تهيئة البنية التحتية لمشاريع عملاقة في ثلاث مدن «أراضيها جاهزة» لاستيعاب 100 ألف وحدة سكنية، غير أنه لم يذكر المدة المحددة للانتهاء من هذه المشاريع، خصوصا أن برنامج عمل الحكومة فيما يخص هذه القضية الملحة كان مخيبا للآمال، حيث أعلنت أن المستهدف خلال الفترة من 2023 إلى 2027 توزيع فقط 15094 وحدة سكنية، علما أن الطلبات الإسكانية تزداد سنويا بمعدل 5000-6000 طلب جديد، بينما تفوق الطلبات القائمة 90000 ألف. بمعنى آخر هنالك إشكالية في التنفيذ، وهو كان ولا يزال من التحديات الكبرى التي تواجه أي قانون، سواء من حيث الوقت المستغرق من أجل التنفيذ أو من حيث جودة التنفيذ. فليس سرا المدد الطويلة التي تستنفذها كثير من المشاريع خصوصا الإنشائية مستغلة بذلك فراغا تشريعيا لا يلزمها بـDeadline، أيضا من التحديات جودة تنفيذ متدنية، والتي غالبا تعاني منها الدولة في هذا القطاع بسبب رقابة ومساءلة ضعيفة Weak. Accountability، لذلك مرور ما يقارب 5 أشهر على هذا القانون دونما أي بوادر يشكل هاجسا حقيقيا بتكرار التأخير في هذه المشاريع المهمة. أيضا يهمنا قانون الوكالة العقارية لأنه يعالج استغلال الوكالة لغير أغراضها الأساسية، ولكنه ليس برأيي الحل الرئيسي للمشكلة الإسكانية هو وقانون احتكار الأراضي رغم أنهما من القوانين التي طال انتظارها لتصحيح وضع غير صحيح في القطاع العقاري الخاص، إذ إن الحل الحقيقي هو في تحرير الأراضي أولا، فمن دون تحريرها أخشى أن تؤدي هذه القوانين إلى آثار عكسية فترتفع الأسعار بدلا من أن تنخفض، يدفعها في هذا الاتجاه قلة المعروض بشكل حاد، مقارنة بالطلب وسيطرة مستثمرين على هذا السوق في صالحهم الانتظار في مقابل حاجة ملحة للأسر قد تدفعهم إلى تقبل أي زيادة في الأسعار في سبيل تأمين منزل. في الختام، لا شك في أن هذه المعضلة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة منذ عقدين، وتمس آثارها معظم الأسر الكويتية، لذلك استمرارها أصبح مكلفا كثيرا ليس فقط على الأسر ولكن أيضا على اقتصاد الدولة بشكل عام، حيث إن استمرارها يؤثر أيضا على النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وكذلك يؤثر سلبا على مستوى الخدمات العامة الحالية. لذلك واجب على الحكومة أن تضع أهدافا واضحة محددة زمنيا كفترة انتظار معينة للحصول على حق الرعاية السكنية، تتماشى مع معدل فترات الانتظار في الدول المجاورة، من خلال استعجال تحرير مزيد من الأراضي والبدء بتنفيذ قوانينها ذات الصلة، وبالتحديد قانون إنشاء شركات المدن الإسكانية، وكذلك واجب على المجلس مراقبة ومتابعة تنفيذ مثل هذه القوانين، باعتبار أن الإنجاز الحقيقي يتمثل في التنفيذ بالسرعة والجودة المطلوبة. * أستاذ التمويل ومحاضر سابق في جامعة بورتسموث – المملكة المتحدة
News source https://www.aljarida.com/article/46568