محمد عواضة -
على الرغم من انخفاض عدد الصفقات العقارية بشكل ملحوظ متأثرة بأسعار الفائدة المتصاعدة، فإن قيمة العقار السكني بشكل عام، خصوصاً في المناطق الداخلية لا تزال متماسكة ومحافظة على أسعارها المرتفعة، باستثناء بعض المناطق البعيدة.
ويقول عقاريون في تصربحات متفرقة لـ القبس إن العقار الاستثماري أكثر المتضررين من ارتفاع الفائدة، وقد «زاد الطين بِلَّة» وقف اصدار سمة دخول التحاق بعائل للوافدين الذي كان تأثيره واضحاً في القطاع، والدليل ارتفاع نسبة الخالي من الوحدات إلى نحو %15.
قال الخبير العقاري عبدالعزيز الدغيشم أن حالة الهدوء التي عاشها سوق العقار المحلي بالربعين الثاني والثالث من العام الحالي طبيعية جداً، ومعتادة في مثل هذا الوقت من كل عام، بسبب شهر رمضان وموسم السفر، ناهيك عن انتظار وتخوف المواطنين من القرارات العقارية التي كان من المتوقع صدورها خلال فصل الصيف، وتلك العوامل مجتمعة ساهمت أيضاً بهبوط تداولات السكن الخاص، متوقعاً أن يستأنف القطاع العقاري نشاطه المعتاد خلال الربع الأخير من العام الحالي والربع الأول من 2024.
وقال إن العقار السكني مازال متماسكاً إلى حد كبير وأسعاره مرتفعة دون وجود أي بوادر لانخفاضها على المدى القريب، إلا في حال صدور قرارات جديدة، مثل قانون المطور العقاري، وتحرير الأراضي، وإقرار قانون التمويل العقاري بشكل مدروس، وهذا مستبعد حالياً.
سببان لتضرر «الاستثماري»
أشار الدغيشم إلى أن «الاستثماري» من أكثر القطاعات العقارية التي تضرر أصحابها، لسببين:
الأول: ارتفاع الفائدة، لأن أغلب المستثمرين في العمارات يعتمدون على التمويل البنكي، وهذا ما أدى إلى تأجيل وإلغاء بعض المشاريع.
الثاني: كثرة الشقق الشاغرة التي قد تزيد مع استمرار الضوابط المتشددة على الوافدين ووقف إصدار سمات الالتحاق بعائل.
المناطق النموذجية
حول تأثير ارتفاع أسعار الفائدة في السكن الخاص، أوضح الدغيشم أن أسعار القطاع عموماً بقيت صامدة حتى الآن ولم تنخفض أسعارها بشكل كبير كما كان متوقعاً رغم تراجع عدد التداولات، خصوصاً في المناطق النموذجية، لأن أغلب المواطنين يعتمدون على التمويل الشخصي بعيداً عن التمويلات البنكية، ولأن هناك طلباً متزايداً ولا يوجد معروض يكفي.
حزمة قوانين عقارية
من جهته، توقع الخبير العقاري سليمان الدليجان أن تتضح معالم سوق العقار المحلي بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، مع الوعود البرلمانية بإقرار حزمة من مشروعات القوانين لاستكمال معالجة القضية الإسكانية.
وقال إن وعود اللجنة الإسكانية بمجلس الأمة بإقرار بعض القوانين الخاصة بالعقار السكني (للبيت الثالث)، مثل رفع دعم الكهرباء والماء، وزيادة رسوم التسجيل العقاري، وضريبة التملك إلى جانب إلغاء الوكالة العقارية ستشكل نقلة نوعية في معالجة الأزمة الإسكانية.
وحول تأثير ارتفاع أسعار الفائدة، أكد الدليجان أنه رغم تراجع تداولات القطاع السكني بشكل ملحوظ، فإنه لا يزال متماسكاً ويحافظ على أسعاره المرتفعة، باستثناء بعض المناطق التي تعرضت للانخفاض أكثر من غيرها، مثل أبوفطيرة والفنيطيس والرميثية والجابرية، في حين لم تتأثر المناطق الداخلية القريبة من العاصمة من أسعار الفائدة المتصاعدة إلا بنسب محدودة جداً، وذلك لارتفاع الطلب وقلة المعروض.
وكشف عن تراجع عدد تداولات السكن الخاص بنسبة %40 بالنصف الأول 2023 مقارنة بالفترة نفسها من 2022، لافتاً -في ذات الوقت- إلى ارتفاع متوسط سعر البيت في الكويت من 415 ألف دينار إلى 470 ألفاً.
وفيما يتعلق بالعقار الاستثماري، لفت الدليجان إلى تراجع تداولات القطاع بنسبة %14 متأثرة بارتفاع الفائدة، مبيناً أن معالجة اختلالات التركيبة السكانية، والقرارات المشددة على الوافدين مثل إيقاف سمات الالتحاق بعائل، أثر سلباً في إشغال الشقق السكنية، والدليل ارتفاع معدلات الشغور إلى %15 تقريباً.
نصيحة للمستثمرين
شدد الدليجان على أن انخفاض أسعار العقار السكني عموماً لا يُحكم عليه من بيع بيت يقع على شارع واحد بسعر أرخص من السابق، ناصحاً المستثمرين بعدم المراهنة على تراجع كبير مقبل في أسعار سوق العقار، والدليل على ذلك الانخفاض الذي حصل إبان الأزمة المالية العالمية عام 2008 لمدة سنة ثم ارتفعت الأسعار مرة أخرى.
تأثير إيجابي
بدوره، قال الخبير العقاري أحمد الدويهيس إن ملف حل القضية الإسكانية في البلاد استحوذ على اهتمام مجلس الأمة في الآونة الأخيرة، بعد الأخبار المتداولة عن مسعى جدي للجنة الإسكانية برفع دعم الكهرباء والماء، وزيادة رسوم التسجيل العقاري... إلخ، غير أن آليات تطبيقها غير واضحة حتى الآن، ولكن لا شك سيكون هناك تأثير إيجابي في الأسعار في حال صدرت تلك القرارات وتم تطبيقها بشكل مدروس.
وأضاف إن ارتفاعات الفائدة لم تؤثر بشكل كبير كما كان متوقعاً في أسعار العقار السكني عموماً، الذي ما زال متماسكاً رغم تراجع عدد التداولات، وذلك بسبب استمرار الطلب القوي مقابل قلة المعروض، وهذا لا يعني عدم نزول قيمة عقارات بعض المناطق، مبيناً أن الأسعار غير مستقرة حالياً، وسيتضح المشهد على الساحة العقارية خلال شهر من الآن.
معايير نشاط «الاستثماري»
أوضح الدويهيس أن ارتفاع معدلات الفائدة كان تأثيرها مباشراً في القطاع الاستثماري أكثر من «التجاري»، ولكن الأوضاع ما زالت مبهمة بهذا الجانب، متوقعاً أن تتضح الصورة بشكل أدق ابتداءً من سبتمبر الجاري مع عودة المصطافين.
وبيّن أن نشاط سوق الشقق الاستثمارية يعتمد على معايير عدة أهمها: أسعار الفائدة، ومعدلات الاشغال، وعدد الوافدين، حيث تتأثر أسعار العقار الاستثماري بنمو أعدادهم في البلاد، داعياً الراغبين في الاستثمار العقاري إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تلك المعايير، التي من شأنها التأثير في جدوى استثماراتهم.