نشرت الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) تعديلات بعض أحكام القانون رقم 118 لسنة 2023 بشأن تأسيس شركات إنشاء مدن أو مناطق سكنية وتنميتها اقتصادياً أو ما يُعرف بـ «قانون المطور العقاري»، الذي يعد خطوة جيدة من حيث مبدئها في كونه إحدى أدوات معالجة القضية الإسكانية، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية توخّي المنفعة العامة في العديد من التفاصيل؛ بما يضمن تحقيق المنفعة الخدمية للمواطنين المستفيدين من الرعاية السكنية، إلى جانب الربح المالي والاستدامة للمطور العقاري، علاوة على المحافظة على حقوق الدولة وتنفيذ اشتراطاتها التعاقدية. ومع تأكيد أهمية المطور العقاري باعتباره أداة رديفة أو مساندة لمعالجة الأزمة الإسكانية مثلها مثل أدوات أخرى تم إقرارها كفرض ضريبة على احتكار الأراضي الفضاء، أو أدوات منتظرة أو مستحقة، كالتمويل العقاري وفرض ضريبة على مضاربات العقار السكني أو غيرها، إلا أنه لن يمثّل عصا سحرية لمعالجة أكبر إخفاق خدمي عرفته البلاد منذ عقود، فإيجاد حل مستدام للأزمة الإسكانية في الكويت يتطلب حلولاً جذرية، وهي توفير العرض الملائم للطلب الإسكاني المتعاظم من خلال تحرير عشرات الآلاف من قطع الأراضي الحكومية سنوياً لمصلحة بناء مدن جديدة. الحل المستدام يتطلب معالجة جذرية توفر العرض الملائم للطلب الإسكاني المتعاظم تلبية أم معالجة؟ فالمسألة الإسكانية لا ترتبط فقط بتلبية الطلبات الحالية، إنما بإيجاد حلول مستدامة ومرنة ومتنوعة لمعالجة التعثّر في أكبر أزمة خدمية تشهدها البلاد منذ عقود، وهي أزمة الإسكان؛ مما يستدعي وضع استراتيجية مرتبطة بملفات متشابكة تتعلق بالتوسع العمراني والطاقة والطرق والخدمات العامة، وحتى البيئة وأنشطة الأعمال وغيرها، فاستهداف تلبية الطلبات الإسكانية الحالية التي تناهز 100 ألف طلب إسكاني، رغم أهميته، يظل هدفاً مرحلياً بالتوازي مع وجود قاعدة سكانية صغيرة السن من المواطنين الكويتيين - حسب بيانات عام 2024 - فمليون كويتي مواليد ما بعد الغزو العراقي عام 1991، و42 بالمئة من الكويتيين، أي بحدود 650 ألف شخص دون 19 عاماً؛ مما يشير إلى أن الدولة بحاجة إلى توزيع وحدات سكنية خلال الـ 20 عاماً قادمة أكثر من الوحدات التي وزعتها منذ الاستقلال إلى اليوم. ضرورة رفع جودة الرقابة والمتابعة الحكومية حتى لا تتحول مساعي المعالجة إلى إخفاقات معتادة ومكررة أرقام وأوهام هذه الأرقام تُظهر أن معالجة الأزمة الإسكانية تتطلب عقلية مختلفة عن تلك التي أضاعت عقوداً طويلة في أوهام غير واقعية أو إجراءات غير مفيدة أو سياسات منحرفة، على أقل تقدير، تحولت فيها تجارب التطوير العقاري إلى مشاريع تجارية بعيدة عن أغراض الرعاية السكنية، أو الاعتقاد بأن إلغاء الرقابة المسبقة سيكون حلاً لتعطّل تنفيذ المشاريع الإسكانية أو ترويج فكرة أن أزمة الإسكان هي في التمويل وليست في العرض والطلب، أو تسويق إجراء إداري كتوزيع 12 ألف وحدة سكنية «ورقياً» على أنه إنجاز واقعي... فالجدية تتلخص في معالجة أساس الاختلال، أي العرض والطلب، وهي تبدأ من تحرير عشرات الآلاف قطع من الأراضي السكنية، ومعها يتم دعم المعالجة بسياسات رديفة أو مساندة كالمطور العقاري أو التمويل العقاري، وفرض ضرائب على الاحتكار والمتاجرة أو المضاربة بالسكن الخاص، وكلها تحتاج جدية في التنفيذ كي تحقق أغراضها دون تعثّر أو انحراف. عبرة وتأخير وحسب التصريحات الرسمية الحكومية؛ فإن قانون المطور العقاري موجّه في مرحلته الحالية لتنفيذ ما يعادل 5 آلاف وحدة سكنية من المرجح أن تكون في مناطق الصليبية - تيماء - جنوب سعد العبدالله، وهو رقم ضئيل مقارنة بالطلبات الإسكانية الحالية، فضلاً عن المعالجة المستدامة، أما تصورات بناء 150 ألف وحدة سكنية في مدن الصابرية ونواف الأحمد والخيران، فهي في حقيقتها ليست جديدة؛ إنما موجودة في خطط المؤسسة العامة للرعاية السكنية منذ ما لا يقل عن 13 عاماً، بالتالي فإن العبرة في جودة التنفيذ أو بمعنى أدق رفع كفاءة الإنجاز وآليات الإشراف؛ كي لا يتكرر التأخير الذي شهدته مدن كالمطلاع أو غرب عبدالله المبارك بضعف مدة التنفيذ، مما يجعلها أقل تأثيراً في معالجة الأزمة الإسكانية. إن الحديث عن نظام للتطوير العقاري أو المدن الإسكانية أو تنفيذ مؤسسة الرعاية السكنية مباشرة أو أي نموذج آخر؛ يجب أن يرتبط بمحددات تضمن نجاحه وتحقيق أهدافه، وأبرزها أن تكون مسألة تحرير أراضي الدولة عملية تهدف للمعالجة الشاملة، وأن توجه أي منتجات عقارية لمستحقي الرعاية السكنية منعاً للمتاجرة بعنصر أساسي من عناصر شبكة الأمان الاجتماعي، وهو السكن، فضلاً عن رفع جودة الرقابة والمتابعة الحكومية، كي لا تتحول مساعي المعالجة إلى إخفاقات معتادة ومكررة.
اقرأ المزيد: https://www.aljarida.com/article/106062نشرت الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) تعديلات بعض أحكام القانون رقم 118 لسنة 2023 بشأن تأسيس شركات إنشاء مدن أو مناطق سكنية وتنميتها اقتصادياً أو ما يُعرف بـ «قانون المطور العقاري»، الذي يعد خطوة جيدة من حيث مبدئها في كونه إحدى أدوات معالجة القضية الإسكانية، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية توخّي المنفعة العامة في العديد من التفاصيل؛ بما يضمن تحقيق المنفعة الخدمية للمواطنين المستفيدين من الرعاية السكنية، إلى جانب الربح المالي والاستدامة للمطور العقاري، علاوة على المحافظة على حقوق الدولة وتنفيذ اشتراطاتها التعاقدية. ومع تأكيد أهمية المطور العقاري باعتباره أداة رديفة أو مساندة لمعالجة الأزمة الإسكانية مثلها مثل أدوات أخرى تم إقرارها كفرض ضريبة على احتكار الأراضي الفضاء، أو أدوات منتظرة أو مستحقة، كالتمويل العقاري وفرض ضريبة على مضاربات العقار السكني أو غيرها، إلا أنه لن يمثّل عصا سحرية لمعالجة أكبر إخفاق خدمي عرفته البلاد منذ عقود، فإيجاد حل مستدام للأزمة الإسكانية في الكويت يتطلب حلولاً جذرية، وهي توفير العرض الملائم للطلب الإسكاني المتعاظم من خلال تحرير عشرات الآلاف من قطع الأراضي الحكومية سنوياً لمصلحة بناء مدن جديدة. الحل المستدام يتطلب معالجة جذرية توفر العرض الملائم للطلب الإسكاني المتعاظم تلبية أم معالجة؟ فالمسألة الإسكانية لا ترتبط فقط بتلبية الطلبات الحالية، إنما بإيجاد حلول مستدامة ومرنة ومتنوعة لمعالجة التعثّر في أكبر أزمة خدمية تشهدها البلاد منذ عقود، وهي أزمة الإسكان؛ مما يستدعي وضع استراتيجية مرتبطة بملفات متشابكة تتعلق بالتوسع العمراني والطاقة والطرق والخدمات العامة، وحتى البيئة وأنشطة الأعمال وغيرها، فاستهداف تلبية الطلبات الإسكانية الحالية التي تناهز 100 ألف طلب إسكاني، رغم أهميته، يظل هدفاً مرحلياً بالتوازي مع وجود قاعدة سكانية صغيرة السن من المواطنين الكويتيين - حسب بيانات عام 2024 - فمليون كويتي مواليد ما بعد الغزو العراقي عام 1991، و42 بالمئة من الكويتيين، أي بحدود 650 ألف شخص دون 19 عاماً؛ مما يشير إلى أن الدولة بحاجة إلى توزيع وحدات سكنية خلال الـ 20 عاماً قادمة أكثر من الوحدات التي وزعتها منذ الاستقلال إلى اليوم. ضرورة رفع جودة الرقابة والمتابعة الحكومية حتى لا تتحول مساعي المعالجة إلى إخفاقات معتادة ومكررة أرقام وأوهام هذه الأرقام تُظهر أن معالجة الأزمة الإسكانية تتطلب عقلية مختلفة عن تلك التي أضاعت عقوداً طويلة في أوهام غير واقعية أو إجراءات غير مفيدة أو سياسات منحرفة، على أقل تقدير، تحولت فيها تجارب التطوير العقاري إلى مشاريع تجارية بعيدة عن أغراض الرعاية السكنية، أو الاعتقاد بأن إلغاء الرقابة المسبقة سيكون حلاً لتعطّل تنفيذ المشاريع الإسكانية أو ترويج فكرة أن أزمة الإسكان هي في التمويل وليست في العرض والطلب، أو تسويق إجراء إداري كتوزيع 12 ألف وحدة سكنية «ورقياً» على أنه إنجاز واقعي... فالجدية تتلخص في معالجة أساس الاختلال، أي العرض والطلب، وهي تبدأ من تحرير عشرات الآلاف قطع من الأراضي السكنية، ومعها يتم دعم المعالجة بسياسات رديفة أو مساندة كالمطور العقاري أو التمويل العقاري، وفرض ضرائب على الاحتكار والمتاجرة أو المضاربة بالسكن الخاص، وكلها تحتاج جدية في التنفيذ كي تحقق أغراضها دون تعثّر أو انحراف. عبرة وتأخير وحسب التصريحات الرسمية الحكومية؛ فإن قانون المطور العقاري موجّه في مرحلته الحالية لتنفيذ ما يعادل 5 آلاف وحدة سكنية من المرجح أن تكون في مناطق الصليبية - تيماء - جنوب سعد العبدالله، وهو رقم ضئيل مقارنة بالطلبات الإسكانية الحالية، فضلاً عن المعالجة المستدامة، أما تصورات بناء 150 ألف وحدة سكنية في مدن الصابرية ونواف الأحمد والخيران، فهي في حقيقتها ليست جديدة؛ إنما موجودة في خطط المؤسسة العامة للرعاية السكنية منذ ما لا يقل عن 13 عاماً، بالتالي فإن العبرة في جودة التنفيذ أو بمعنى أدق رفع كفاءة الإنجاز وآليات الإشراف؛ كي لا يتكرر التأخير الذي شهدته مدن كالمطلاع أو غرب عبدالله المبارك بضعف مدة التنفيذ، مما يجعلها أقل تأثيراً في معالجة الأزمة الإسكانية. إن الحديث عن نظام للتطوير العقاري أو المدن الإسكانية أو تنفيذ مؤسسة الرعاية السكنية مباشرة أو أي نموذج آخر؛ يجب أن يرتبط بمحددات تضمن نجاحه وتحقيق أهدافه، وأبرزها أن تكون مسألة تحرير أراضي الدولة عملية تهدف للمعالجة الشاملة، وأن توجه أي منتجات عقارية لمستحقي الرعاية السكنية منعاً للمتاجرة بعنصر أساسي من عناصر شبكة الأمان الاجتماعي، وهو السكن، فضلاً عن رفع جودة الرقابة والمتابعة الحكومية، كي لا تتحول مساعي المعالجة إلى إخفاقات معتادة ومكررة.
News source https://www.aljarida.com/article/106062