News Details

Picture of تشريعات 2025 العقارية... بين الطفرة المرتقبة وعراقيل التطبيق
17/09/2025

تشريعات 2025 العقارية... بين الطفرة المرتقبة وعراقيل التطبيق

بعد تباين آراء الخبراء مع اقتراب تطبيق الرسوم على الأرض الفضاء وانتظار قانون التمويل العقاري

إعداد: مروة البحراوي

"عقار" صفحة أسبوعية تنشرها جريدة"السياسة"، متخصصة في القطاع العقاري، ترصد آخر التطورات وأبرز الأحداث الفنية والقانونية والاقتصادية لفئات القطاع المختلفة "الخاص" و"الاستثماري" و"التجاري" و"الحرفي" و"المعارض"، فضلاً عن نقل آراء المختصين بهذا الشأن لأهميته باعتباره ثاني أكبر قطاعات البلاد الاقتصادية.

يشهد السوق العقاري الكويتي خلال عام 2025 حالة من الحراك والترقب، بالتزامن مع مرحلة تحول واضحة تتقاطع فيها التشريعات العقارية الجديدة مع متغيرات اقتصادية ومالية، أثرت بشكل مباشر على تداولات السوق وأسعار العقارات بمختلف أنواعها، فمع اقتراب تطبيق قانون احتكار الأراضي الفضاء، وتوقف التنازل عن العقارات الصناعية والحرفية، إلى جانب قانوني الرهن والمطور العقاري، تباينت آراء الخبراء بشأن قدرة هذه القرارات على إحداث نقلة نوعية في السوق من جهة، والتخوف من سرعة إقرارها أو تعديلها مما يربك بيئة الاستثمار من جهة أخرى.
التقت "السياسة" عددا من الخبراء العقاريين للحديث عن أبرز ملامح المشهد العقاري خلال المرحلة الراهنة والمقبلة، ومدى تأثير تلك التشريعات على حركة السوق، وتباينت آراء هؤلاء الخبراء فمنهم من أكد أن نجاح هذه القوانين مرهون بآليات تطبيقها ومدى استنادها إلى دراسات دقيقة ومشاورة واسعة لأهل الاختصاص.
وهناك فريق اخر حذر من تلك القرارات المستعجلة أو غير المدروسة والتي قد تكون سبباً مباشراً في تقلبات حادة بحركة صعود وهبوط الأسعار، بل وقد تؤدي إلى عزوف المستثمرين عن الدخول في السوق المحلي، لغياب الرؤية الواضحة واستقرار البيئة التشريعية، إذ إن المستثمر عادة ما يبحث عن بيئة آمنة مستقرة، فيما تؤدي القرارات المفاجئة أو التراجع عنها لاحقاً إلى خلق ربكة تحد من جاذبية السوق الكويتي مقارنة بالأسواق المجاورة.
الدليجان: "الاستثماري" يتفوق على "السكني"... والفنادق تعود إلى الحياة
أكد الخبير العقاري سليمان الدليجان أن السوق العقاري الكويتي مقبل على تغيرات جوهرية خلال الأشهر المقبلة، مدفوعة بالطفرة التشريعية التي بدأت مع قانون احتكار الأراضي الفضاء ووقف التنازل عن العقارات الصناعية والحرفية، مشيرا إن هذه القرارات، إلى جانب استمرار انخفاض الفائدة منذ سبتمبر 2024، ساهمت في تحريك السوق الاستثماري على حساب السكني والتجاري.
وأوضح الدليجان أن قرب تطبيق رسوم الأراضي الفضاء أحدث خلخلة واضحة في القطاع السكني، إذ زاد المعروض وتراجعت الأسعار بمتوسط عام يتراوح بين 10 إلى 15% حسب المناطق، وأن هذا التراجع دفع رؤوس الأموال إلى التحول نحو الاستثمار العقاري، الذي سجل نمواً تاريخياً حيث بلغت نسبة الاستثمار فيه ما بين 55 و60% من إجمالي التداولات، وهو معدل غير مسبوق .
وأضاف أن فتح سمات الزيارة العائلية والتجارية والسياحية ساعد على إنعاش قطاع الفنادق والشقق المفروشة بعد سنوات من الركود عقب جائحة كورونا، إذ ارتفعت نسب الإشغال إلى حدود 55% بعد أن كانت أدنى بكثير. واعتبر أن استمرار هذا الزخم مرهون بقدرة السوق على استيعاب التشريعات الجديدة وتوفير بيئة مستقرة للمستثمرين. وأوضح الدليجان أن التراجع النسبي في التداولات الاستثمارية خلال الأشهر الماضية لا يعني ركوداً أو تباطؤاً، بل يعكس فترة إعادة تموضع، لافتاً إلى أن الأرقام السنوية تؤكد استمرارية النمو.
بهبهاني: عدم وضوح القرارات يربك السوق والمستثمرين
قال الخبير العقاري علاء بهبهاني إن رأس المال بطبيعته "جبان"، وأي قرارات متتالية وغير واضحة في أي سوق تؤدي إلى إرباك المستثمرين، مشيرا إلى أن ما حدث في القطاع السكني بعد صدور تشريعات الأراضي الفضاء لم يترك أثراً مباشراً على الأسعار حتى الآن، مرجعاً التراجع الأخير إلى أسباب اقتصادية طبيعية مثل تضخم الأسعار، وثبات الرواتب، وارتفاع كلفة القروض، وهي عوامل تدفع الأسعار إلى الهبوط أو الدخول في حالة ركود.
وفي المقابل، لفت بهبهاني إلى أن القطاع الاستثماري يشهد نشاطاً ملحوظاً في التداولات، وأن التعديلات الإيجابية التي أجرتها البلدية على بعض التصاميم العمرانية ساهمت في هذا الزخم. لكنه اعتبر أن حالة الغموض المحيطة بأراضي الانتفاع ما زالت تثير قلق المستثمرين، خاصة مع تضارب الأنباء حول زيادة الرسوم أو وقف التداولات، الأمر الذي دفع كثيرين إلى التريث بانتظار ما ستؤول إليه القرارات النهائية.
وشدد بهبهاني على ضرورة أن تصدر التشريعات الاقتصادية والعقارية بعد دراسة متأنية وبالتشاور مع المختصين، لتفادي القرارات المفاجئة التي تثير الشائعات وتوقف عجلة الاستثمار.
الحسينان: البيئة الاستثمارية الجاذبة تقوم على الاستقرار التشريعي
حذر الخبير العقاري عبدالرحمن الحسينان من أن بعض القرارات الحكومية الأخيرة اتسمت بالعجلة، مثلما حدث مع قضية الشاليهات، حيث أدى صدور قرار سريع بوقف التنازل إلى حالة من الفوضى دفعت العديد من الملاك إلى البيع الفوري، قبل أن تعود الحكومة للتريث وإعادة النظر في القرار، وقال إن هذه التجربة عكست خطورة القرارات المتسرعة على استقرار السوق.
وأشار الحسينان إلى أن قرار وقف التنازل عن القسائم الصناعية لا يختلف كثيراً عن قرار الشاليهات، معتبراً أن الصناعات والورش في منطقة الشويخ تمثل عصب الحياة اليومية للمواطن، وأن وقف التداول فيها يربك السوق ويؤدي إلى تضارب كبير في الأسعار، مؤكدا أن التنظيم ضرورة، لكن يجب أن يتم بالتشاور مع جميع الأطراف ذات الصلة، على غرار ما يحدث في الدول المجاورة التي تدرس قراراتها العقارية بدقة قبل تطبيقها.
وأضاف أن البيئة الاستثمارية الجاذبة تقوم على الاستقرار التشريعي، والمستثمر لا يرغب في قرارات تتغير بسرعة أو تعاد صياغتها أكثر من مرة، لأن ذلك يثير حالة من عدم اليقين ويزيد من التوترات في السوق. وطالب الحسينان بأن تكون القرارات العقارية نتاج عمل مشترك بين الجهات الحكومية وأهل الاختصاص من خبراء وقانونيين، بما يعزز الثقة ويشجع على تدفق الاستثمارات.
الميموني: قوانين الرهن والمطور والرسوم خرجت عن مسارها
قال الناشط الاسكاني فواز الميموني إن القوانين الثلاثة الأخيرة، وهي: الرهن العقاري، المطور العقاري، ورسوم الأراضي الفضاء، تشكل أبرز محطات التأثير على السوق العقاري الكويتي في المرحلة الراهنة، موضحا أن فكرة الرهن والمطور العقاري ليست مرفوضة، بل مطبقة في العديد من دول العالم وحققت نجاحات، غير أن التعديلات اللاحقة أفرغتها من محتواها.
وأوضح الميموني أن المشروع لم يكن مجرد توفير سكن للمواطنين، بل كان يستهدف إشراكهم في القطاع الاستثماري عبر امتلاك نسبة من العوائد، لكن بعد التعديلات الأخيرة، تم استبعاد المواطن من أي نسبة استثمارية، في حين مُنح المطور كامل العوائد، وهو ما ألغى جوهر المشاركة الشعبية التي بُني عليها القانون.
وأشار إلى أن المؤشرات الحالية لا تعكس أي انخفاض في الأسعار كما كان مأمولاً، بل على العكس، ارتفعت كلفة القروض من 140 إلى 210 آلاف دينار بعد دمج القروض الممنوحة من البنوك، فضلاً عن منح المطور حرية تامة في تحديد المساحات، سواء شققاً أو فيللاً مصغرة، ما جعل القانون أقرب إلى تشريع جديد بالكامل وليس مجرد تعديل.
وأضاف الميموني أن المناطق المخصصة للمطورين، والتي تضم نحو 170 ألف وحدة سكنية مرتقبة، قد تفرغ السوق السكني من الطلبات المؤجرة.

Archives