قال تقرير بنك الكويت الوطني إن النشاط العقاري بقي ضعيفاً في الربع الثالث من عام 2023، في ظل ارتفاع تقييمات العقارات السكنية وتزايد تكاليف الاقتراض، رغم تسجيل المبيعات لأول زيادة ربع سنوية منذ الربع الأخير من العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن وتيرة نمو الأسعار كانت قد تباطأت بصفة عامة خلال العام الماضي، حتى إنها تحولت إلى تسجيل نمو سلبي بصورة هامشية على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2018، إذ يشير استقرار المبيعات على مدار الربعين الماضيين إلى أن نشاط السوق، الذي ربما قد وصل إلى القاع، وأي انتعاش يحدث خلال الفترة المقبلة، لا يتوقع أن يكون قوياً. من جهة أخرى، من المتوقع أن تتحسن آفاق عام 2024، والذي من المقرر أن يشهد أداء أقوى في حالة قيام الحكومة بإعطاء الأولوية لتنفيذ مبادرات الإسكان المطروحة بالفعل.
وأضاف التقرير: «شهدت قيمة المبيعات العقارية ارتفاعاً هامشياً في الربع الثالث من عام 2023، إذ بلغت 678 مليون دينار، بدعم من زيادة مبيعات القطاع الاستثماري، بينما استمرت مبيعات القطاع السكني في التراجع، وإن كان بوتيرة معتدلة».
وتابع: «أما على أساس سنوي، بقيت المبيعات العقارية منخفضة بنسبة %16.3، إلا أن وتيرة الانخفاض تباطأت على مستوى كافة القطاعات. ويعكس استمرار ضعف أنشطة المبيعات تأثير ارتفاع تقييمات القطاع السكني وزيادة تكاليف التمويل، إذ تباطأت وتيرة نمو أقساط القروض (أي المنازل) للأفراد، والقروض المقدمة للشركات العقارية بصورة حادة هذا العام. كما تأثر النشاط العقاري سلباً بتحول الأنشطة الاستثمارية نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، والحالة الضبابية التي تحيط بإصلاحات القطاع السكني، ومبادرات تحسين قانون الإقامة وتوفير المساكن».
الوحدات السكنية
ولفت تقرير «الوطني» إلى أن الاتجاه الهبوطي، الذي اتخذته مبيعات الوحدات السكنية، استمر خلال الفترة السابقة لتصل قيمتها إلى 354 مليون دينار في الربع الثالث من عام 2023، مسجلة بذلك تراجعها المتواصل للربع الثالث على التوالي، على الرغم من أن معدل الانخفاض بدأ يقل.
وذكر أن الطلب في القطاع السكني كان ضعيفاً في ظل ارتفاع أسعار المنازل وزيادة حذر المشترين، على خلفية ارتفاع تكاليف الاقتراض. وعلى جانب العرض، قامت المؤسسة العامة للرعاية السكنية بتوزيع دفعة جديدة من القسائم السكنية. وشمل ذلك توزيعات بعض القسائم في مدينة جنوب سعد العبدالله، والتي تضم 24509 وحدات سكنية (22153 قطعة أرض سكنية). وبلغ عدد المواطنين الذين تقدموا بطلبات تخصيص وحدات لهم 6992 مواطناً، مما قد يخفف بعض الضغوط على قائمة الانتظار المقدرة بنحو 91 ألف طلب بنهاية سبتمبر 2023. إلى جانب ذلك، بلغت قيمة القروض المقررة من قبل بنك الائتمان الكويتي التابع للدولة، وضمن إطار برنامج الإسكان الحكومي، حوالي 186 مليون دينار في الربع الثالث من العام الحالي، فيما تعد أعلى قيمة يقدمها البنك منذ الربع الثاني من عام 2022، بينما ارتفعت قيمة القروض المنصرفة بنسبة %4.3 على أساس ربع سنوي لتصل إلى حوالي 115 مليون دينار.
القطاع الاستثماري
وأفاد «الوطني» بأن قيمة مبيعات القطاع الاستثماري (الذي يشمل الوحدات السكنية المنفردة والمباني السكنية) بلغت 212 مليون دينار في الربع الثالث من العام الحالي، وشهد سبتمبر أدنى مستوى من أنشطة المبيعات الشهرية من حيث قيمة وحجم المبيعات المسجلة منذ ديسمبر 2020.
وبيّن التقرير أن بيئة أسعار الفائدة المرتفعة أدت إلى زيادة جاذبية أدوات الدخل الثابت والودائع على حساب العقارات. كما قد تكون نظرة المستثمرين ضبابية أيضاً تجاه الطلب من جهة الوافدين، نظراً لأنهم المحرك الرئيسي لاستخدام الشقق في القطاع الاستثماري. إلا أنه في ظل ارتفاع أعداد الوافدين حتى الآن منذ بداية عام 2023، تبدو التوقعات أفضل مما كانت عليه العام الماضي.
في غضون ذلك، بقي نمو مبيعات القطاع التجاري متقلباً، إذ بلغت قيمة المبيعات 111.4 مليون دينار في الربع الثالث من عام 2023، أي أقل قليلاً من مبيعات الربع السابق، على الرغم من النمو بمعدل ثنائي الرقم الذي شهدته كمية الصفقات على خلفية تحسن المبيعات مرة أخرى في منطقة صباح الأحمد البحرية، والتي استفادت خلال الربعين الأخيرين من تحول الاهتمام إلى محافظة الأحمدي من المناطق الداخلية (مدينة الكويت وحولي).
مؤشر أسعار العقارات
أشار التقرير إلى أن نمو أسعار العقارات اتجه نحو الانخفاض خلال عام 2023، ووفقاً لمؤشر أسعار العقارات الخاص ببنك الكويت الوطني، والذي يتم احتسابه بناء على بيانات الصفقات الأسبوعية المنشورة من قبل وزارة العدل. وخلال الربع الثالث من العام الحالي، تحول نمو الأسعار على أساس سنوي للأداء السلبي، فيما يعد أول انخفاض يسجله منذ الربع الأول من عام 2018، على خلفية انخفاض أسعار عقارات القطاع الاستثماري، في حين ارتفعت أسعار الوحدات السكنية على أساس ربع سنوي نتيجة لارتفاع أسعار المنازل وقطع الأراضي في المناطق الداخلية (خاصة في مدينة الكويت وحولي). وساهم ارتفاع تقييمات العقارات السكنية في تعزيز أداء المؤشر العام لأسعار العقارات على أساس ربع سنوي، مما أدى بشكل أساسي إلى تعويض عدم تحرك مؤشر القطاع الاستثماري.
استمرار الأداء الضعيف
توقع «الوطني» أن تبقى أنشطة المبيعات العقارية ضعيفة على المدى القريب، وذلك في ظل استمرار ارتفاع تقييمات القطاع السكني وزيادة تكاليف الاقتراض. إلا أن إمكانية تحول مسار القطاع العقاري أفضل مما كانت عليه قبل عام، إذ أصبحت المبيعات أكثر استقراراً خلال الفترة الاخيرة بعد التراجع الحاد الذي شهدته قبل ذلك. وفي الوقت ذاته، يبدو أن دورة تشديد أسعار الفائدة الحالية قد بلغت ذروتها أو تقترب من ذلك بالفعل، وهناك إمكانية أن يتخذ الفدرالي خطوة خفض سعر الفائدة قبل نهاية عام 2024، مما قد يؤدي إلى تحفيز الطلب على الائتمان، في حين أن التحركات الحكومية والبرلمانية المحتملة لتمرير مشروع قانون الرهن العقاري، وتعديل قانون الإقامة، وتسريع وتيرة تخصيص القسائم والمنازل، قد تؤثر بصورة إيجابية على السوق العقاري.