مع دخول فصل الصيف، يمر السوق العقاري بحالة من الترقب والهدوء النسبي، كما هي العادة في هذا الموسم من كل عام، إذ تميل حركة البيع والشراء إلى التباطؤ بسبب السفر، وارتفاع درجات الحرارة، وتراجع الأنشطة الاقتصادية عمومًا في هذه الفترة.
ورغم هذا الركود الموسمي، إلا أنه لا يعني غياب الفرص، فبعض المُلّاك، خاصة من يرغبون ببيع عقاراتهم بسرعة، يكونون أكثر استعدادًا للتفاوض على الأسعار، مما يفتح الباب أمام المشترين الجادين للحصول على صفقات أفضل مما هو متاح خلال المواسم النشطة.
ورغم الهدوء الصيفي، يبقى السوق السكني محط أنظار كثير من المواطنين والمستثمرين، خصوصًا في ظل استمرار الطلب على السكن، ومحدودية الأراضي المتاحة. ومن هذا المنطلق، استطلعت القبس آراء مختصين في هذا المجال، وفي ما يلي التفاصيل:
وقال الخبير العقاري، سليمان الدليجان، إن السوق السكني قد يتأثر بقدوم الصيف ويشهد حالة من الركود، وهو أمر معتاد خلال هذه الفترة من العام، حيث تقل حركة البيع والشراء نتيجة سفر المواطنين وتراجع الإقبال العام.
وأوضح أن الطلب ما زال مستمرًا في القطاع الاستثماري، نظرًا لطبيعة المتداولين فيه، حيث أن نسبة التداول في العقارات الاستثمارية ارتفعت لتصل إلى نحو %40 من إجمالي التداول العام، ما يعكس استقرارًا نسبيًا رغم التغيرات الموسمية.
وأضاف الدليجان: في ما يتعلق بالقطاع التجاري، من المتوقع أن يكون مستقرًا، لكن هذا القطاع يحتاج إلى قراءة تفصيلية لأرقامه، وتحليلها وفق سياسة الحكومة ورؤيتها، لأن التأثير لا يكون مباشرًا وإنما يرتبط بالأنشطة المسموح بها ومواقع العقار التجاري وآليات تنظيمه.
التطور التكنولوجي
من جهته، قال الخبير العقاري قيس الغانم إن الحركة العقارية في الكويت كانت تشهد عادةً نوعًا من التراجع خلال فترة الصيف، نتيجة سفر المستثمرين خارج البلاد لقضاء الإجازة، ما كان ينعكس على ضعف في عمليات البيع والشراء.
وأضاف ان هذا النمط الموسمي بدأ يتغير، فالتطور التكنولوجي اليوم أتاح إمكانات كبيرة في إدارة وتسيير المعاملات العقارية عن بُعد، سواء من حيث البيع أو الشراء، دون الحاجة إلى التواجد داخل الكويت.
وتابع الغانم: هذه المرونة التقنية ساهمت في الحفاظ على الدورة الاستثمارية في السوق العقاري، ما يجعل من الممكن استمرار حركة التداول العقاري خلال الصيف، على أن تتحدد نسبة التعامل بناءً على العرض والطلب فقط، دون أن تتأثر بنيّة السفر أو الإجازة سواء لدى البائع أو المشتري.
الأنشطة العقارية
من جانبها، قالت رئيسة مجلس إدارة شركة سبيكة البحر وعضوة جمعية المقيمين العقاريين الكويتية، سبيكة البحر، إن السوق العقاري الكويتي يشهد تباطؤًا نسبيًا خلال فصل الصيف، خاصة في شهري يوليو وأغسطس، بسبب سفر المواطنين والانشغال بالإجازات، مما يؤدي إلى تراجع عدد الصفقات بنحو %20 إلى %30 مقارنة بالأشهر النشطة مثل الربيع والخريف.
وأوضحت أن هذا التراجع لا يعني توقف السوق بالكامل، إذ تستمر بعض الأنشطة العقارية، خصوصًا في القطاع الاستثماري الذي يشهد طلبًا على تأجير الشقق مع اقتراب الموسم الدراسي، سواء من الشركات أو المعلمين الجدد، ما ينعش سوق الإيجارات القصيرة والمتوسطة الأجل.
وأشارت إلى استمرار الطلب على العقارات التجارية خلال الصيف، حيث تبدأ بعض المشاريع الاستعداد لبداية الربع الرابع من العام، إلى جانب تحركات في سوق الشاليهات والوحدات الساحلية.
واضافت البحر أن المستثمرين المحترفين لا يتقيدون بالمواسم، بل يراقبون السوق على مدار العام بحثًا عن فرص قد تكون أكثر جاذبية خلال الصيف، بسبب انخفاض المنافسة ومرونة بعض الأسعار.
ركود صيفي
من ناحيته، قال الباحث العقاري، عبدالرحمن الحسينان، إن السوق العقاري في الكويت يشهد حالة من الركود خلال فصل الصيف، خصوصًا في قطاعات مثل التجاري والاستثماري والصناعي، وذلك بسبب سفر معظم التجار والمستثمرين لقضاء عطلتهم خارج البلاد، ما يؤدي إلى تباطؤ واضح في النشاط، باستثناء بعض الصفقات الاضطرارية التي تظهر أحيانًا في السوق.
واضاف أن السوق يبدأ بالتباطؤ التدريجي مع دخول يونيو، ويصل إلى حالة ركود تام في يوليو وأغسطس، قبل أن تعود الحركة تدريجيًا في نهاية سبتمبر لتتزايد خلال الأشهر المتبقية من السنة.
فرص استثمارية
بدورها، قالت مديرة شركة القعود العقارية، دلال القعود، إن السوق العقاري في الكويت يشهد عادة تراجعاً خلال فصل الصيف، خاصة في شهري يونيو ويوليو، نتيجة سفر المواطنين لقضاء العطلة الصيفية، مما ينعكس سلبًا على حجم المعاينات واتخاذ القرارات العقارية.
وأوضحت أن النشاط يبدأ في التحسن تدريجياً خلال شهر أغسطس مع عودة المواطنين إلى البلاد، حيث ان الأرقام خلال السنوات الثلاث الماضية توضح هذا النمط الموسمي بشكل جلي، ففي عام 2022، انخفض النشاط العقاري في يوليو ثم عاد وارتفع في أغسطس، أما في 2023 فكانت الحركة أبطأ في منتصف الصيف قبل أن تتحسن في نهايته، وفي عام 2024، بدأ الصيف بنشاط جيد، إلا أن شهر أغسطس شهد تراجعاً ملحوظاً، رغم تسجيل ارتفاع في الصفقات خلال يوليو، والذي لا يُعزى إلى نشاط صيفي بل إلى تنفيذ صفقات استثمارية كبيرة خلاله، ليبقى يوليو الأكثر هدوءًا على مدار العام.
وأكملت القعود أن الصيف عمومًا لا يُعد موسمًا نشطًا عقارياً، لكنه أيضًا لا يخلو من الفرص، خاصة في القطاع الاستثماري، حيث تبرم العديد من الصفقات من قبل مستثمرين لديهم خطط طويلة الأجل لا ترتبط بالمواسم أو الإجازات، وتُدار أحيانًا عن بُعد أو عبر وكلاء.
أما في القطاع التجاري، فأوضحت أن الشركات تواصل تنفيذ خططها السنوية دون تأثر بالعطل الصيفية، في حين يظل القطاع السكني الأكثر تأثرًا، إذ تميل العائلات إلى تأجيل قرارات الشراء لما بعد الإجازة.
تفاوت تأثير العوامل الموسمية
شدد الدليجان على أن العوامل الموسمية لا تكون مؤثرة بالشكل نفسه على جميع القطاعات العقارية، فبينما يتباطأ السكني، يظل الاستثمار العقاري نشطًا، ويعتمد القطاع التجاري على قرارات الحكومة والتوجهات الاقتصادية الكبرى.
اقتناص الفرص في الصيف
اشارت البحر الى ان فصل الصيف ليس موسم ركود تام، بل فترة هدوء نسبي، والفرص تظل قائمة لمن يملك الجهوزية والقدرة على اقتناصها في الوقت المناسب.
ارتفاع الطلب على الشاليهات
قال الحسينان ان القطاع السكني يظل نشطًا على مدار العام، ويشهد إقبالاً ملحوظًا حتى خلال الصيف، حيث تزداد حركة الطلب، كما أن الشاليهات تُعتبر من العقارات المرغوبة خلال الصيف أكثر من الشتاء.
وقت مناسب للانتقال إلى منزل جديد
قالت القعود ان فصل الصيف يُعد وقتًا مناسبًا للانتقال إلى منزل جديد، لأنه يمنح العائلة فرصة كافية للاستقرار قبل بدء العام الدراسي، بعيدًا عن ضغوط الوقت.