News Details

Picture of «المدن العمالية».. نبتة ماتت في موسم الحصاد
29/06/2022

«المدن العمالية».. نبتة ماتت في موسم الحصاد

أحمد عبدالستار وزكريا محمد - 
قبل 17 عاماً مضت استوطنت المدن العمالية في قلب الأوراق الرسمية كحل جذري لمشكلة تكدس العمالة العازبة في المناطق السكنية.

وازدحمت تلك الأوراق والكتب المتبادلة بين الجهات الحكومية ببنايات الترتيب لإنشاء المدن وأدوات تنفيذها على أرض الواقع وماكينات ضخ الميزانيات اللازمة.

وبينما تواصلت أعمال تشييد المدن على طاولات الاجتماعات المتعاقبة طيلة تلك السنوات، تطاول بنيان كتلة العمالة العازبة متغلغلاً في الأرجاء.

«المدن العمالية».. متى وأين؟

وفق إحصائية حديثة، يستحوذ الوافدون على %80 من العزاب في سوق العمل الكويتي بواقع نحو 310 آلاف عازب، وفي منطقة جليب الشيوخ وحدها يعيش أكثر من 200 ألف وافد من مختلف الجنسيات يعملون في قطاعات حكومية وأهلية، ويشكل انتشار العمالة العازبة في البلاد هاجساً يؤرق المجتمع الكويتي، ما دفع ممثلي الشعب في مجلس الأمة والمجلس البلدي إلى تكثيف تحركاتهم لإنشاء مدن تستوعب تلك العمالة.

وأعلنت الحكومة إيمانها بحل المدن العمالية كذلك، الأمر الذي أذن بولادة أول قرار حكومي في عام 2006 بتكليف وزارة الأشغال بالتنسيق مع وزارات وجهات عدة لاتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ المدن «بالسرعة اللازمة».

الآن لدينا إجماع على الهدف، لكنه إجماع لم ينهض إلى الآن بالمهمة، ما دفع مسؤولين إلى الغوص في بحر تفاصيل المدن المتعثرة.

معوقات تبحث عن حلول

وبدفع من أزمة كورونا، توالت اجتماعات بين جهات حكومية عدة، وأحالت بلدية الكويت إلى مجلس الوزراء كتاباً قبل عامين تفيد فيه بأن جهود التنسيق المتواصلة لسنوات لم تحلحل بعض المعوقات التي تواجه إنشاء المدن.

ورداً على سؤال عن تفاصيل المعوقات أفادت بالتالي:

01- عدم توافر خدمات البنية التحتية للمشروع وتوفير الطاقة الكهربائية يحتاج 4 سنوات.

02- إيصال المياه العذبة يتطلب 7 سنوات وتوفير الخدمات لن يتم إلا بعد توفر الميزانية.

03- ضعف استجابة وزارات الخدمات مع البلدية.

04- تعدد الجهات المشاركة بالمشروع يعطل الإنجاز. 

قرارات ملزمة ومحاسبة كل مقصر

مجدداً، تم الاتفاق على تسريع الإنجاز، وتذليل العقبات، لكن هذه المرة شدد قيادي وبلهجة صارمة على ضرورة إصدار قرارات ملزمة بسرعة الاستجابة ومحاسبة «كل مقصر ومتقاعس».

وشدد القيادي كذلك على أن المدينة العمالية المقرر أن تشتمل على مساكن تكفي 40 ألف عامل عازب، ستحتاج خدمات تحتاج إلى تنسيق مكثف، بداية من المياه العذبة والطاقة والصرف الصحي، وانتهاء بالخدمات التجارية والمراكز الصحية وغيرها.

وفي عام 2010 أصدر مجلس الأمة قانوناً بتأسيس شركة كويتية أو أكثر تتولى تصميم وتنفيذ وتشغيل وصيانة مدن للعمال، وذلك بعد جملة مداولات وخلافات بين الجانبين الحكومي والنيابي.

وبذلك، باتت لدى الجهات المختصة أداة تشريعية تسمح بإنجاز المشروع، تساند القناعات المجتمعة على ضرورة المضي قدماً فيه.

وبعد مرور 4 أعوام على صدور القانون، وتحديداً في أغسطس 2014، ألغي قانون المدن العمالة بموجب القانون 116 لسنة 2014 بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو القانون الذي أنشأ نظاماً يقوم بمقتضاه مستثمر من القطاع الخاص بالاستثمار على أرض تملكها الدولة في أحد المشروعات التي تطرحها هيئة الشراكة.

وعليه، أصبح مصير مشروع المدن العمالة في عهدة هيئة الشراكة، بناء على قرار أصدره مجلس الوزراء في مايو 2015، كلف فيه وزير الدولة لشؤون البلدية بالتنسيق مع الهيئة للإسراع في تنفيذ المشروع. 

مسيرة المشروع ومفاجأة المدن

ومنذ ذلك التاريخ، تعاقبت الاجتماعات والقرارات بين الجهات الحكومية، ولم تمض 5 سنوات حتى اقترحت لجنة الخدمات العامة في مجلس الوزراء تكليف وزارة الأشغال العامة بإنشاء المدن العمالية، بدلاً من طرحها عن طريق هيئة الشراكة، لكن لم يصدر قرار بذلك.

أخيراً، قررت لجنة المشاريع التنموية الحكومية تقصي سيرة المدن العمالة لتحديد القرار المناسب بشأنها، في ظل إشارات أطلقها نواب في مجلس الأمة، بتراجع حكومي عن المشروع برمته.

وطلب مسؤول في اللجنة المشرفة على متابعة تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، تقريراً عن خط سير التحركات الحكومية في هذا الملف، وفي 19 يونيو 2022 كان التقرير جاهزاً بحوزة المسؤول، الذي تفاجأ بكم مهول من القرارات والتكليفات وتوصيات استعجال التنفيذ على مدى قرابة 20 عاماً. لكن المفاجأة الأكبر، كانت في موسم حصاد تلك القرارات، وتحديداً في مطلع العام الماضي، إذ كشفت هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص عدم تقدم أي من الشركات المؤهلة بتقديم عطاءاتها لمشروع المدن العمالية (مدينة جنوب الجهراء).

والنتيجة هي قرار بإلغاء طرح المشروع بنظام الشراكة، ما يعني العودة إلى المربع الأول وإعادة الموضوع إلى طاولة المباحثات مجدداً.

وهنا برز السؤال عن الحلول البديلة حتى حلحلة مشكلة المدن، فكانت الإجابة كالتالي:

01- السماح بإقامة سكن للعمال ضمن حدود القسائم الصناعية.

02- إجازة إقامة سكن العمال داخل مزارع تربية الأبقار وإنتاج الحليب.

03- تخصيص أراض للمشاريع الحكومية الكبرى لإقامة مساكن مؤقتة لعمالها.

وفي غضون الأيام المقبلة، تستعد الجهات المعنية لاجتماع قد يكون حاسماً في خريطة طريق الإيمان بمشروع المدن العمالية برمته بعد إلغاء طرحه عن طريق هيئة الشراكة، إما إلى الإصرار على المضي فيه، أو الاكتفاء بالحلول البديلة.

 

 

Archives