محمد عواضة -
بعد مسلسل الارتفاعات الفلكية التي خيمت على أسعار العقارات بالسنوات القليلة الماضية، خصوصاً على السكن الخاص، مروراً بحالة الركود في 2022، يبدو أن الأسعار خلال 2023 سوف تأخذ منحنى جديداً باتجاه الهبوط حسب توقعات بعض الخبراء، مستندين إلى عدة عوامل أهمها ارتفاع أسعار الفائدة التي بدورها قد تؤدي إلى تروي العديد من الأفراد والمستثمرين في شراء العقارات، خصوصاً الاستثمارية والتجارية منها، وتفضيل البعض ادخار الأموال في البنوك، بعد أن أصبحت الفوائد من الودائع المصرفية أكثر إغراءً من عوائد العقار.
خبراء عقاريون قالوا لـ القبس ان السوق العقاري في العام الجديد قد يشهد تباطؤاً، اذ يرى بعضهم أن هبوط الأسعار أصبح وشيكاً، بينما تبقى قوة النزول رهن جدية الحكومة في علاج الأزمة الإسكانية.
وهذا ما أكدّه مصدر عقاري بأن انخفاض أسعار العقارات السكنية في 2023 يرتبط ارتباطاً وثيقا بالقرارات الحكومية والتشريعات النيابية المرتقبة ، في حين يعتقد من وجهة نظره بأنه سيكون هناك تصحيح «طفيف» لأسعارالعقار السكني خلال العام الجديد وليس تراجعاً كبيراً كما يتوقع البعض. ويشير أيضاً الى أن تأثير ارتفاع أسعار الفائدة سيكون محدوداً على عقار السكن الخاص بسبب قلة المعروض واستمرار طلب المواطنين عليه حتى لو بأسعار مرتفعة. وفيما يتعلق بالعقارين الاستثماري والتجاري يؤكد المصدر نفسه أنهما سيكونان أكبر المتضررين من ارتفاع أسعارالفائدة، بسبب زيادة تكاليف التمويل على المستثمر، كاشفاً في الوقت نفسه أن معدلات الأشغال اليوم في القطاع الاستثماري «جيدة» وقد ترتفع إلى حدود %90 خلال 2023.
مستقبل غامض
رئيس اتحاد الوسطاء العقاريين عبدالعزيز الدغيشم يقول إن لا أحد يستطيع التنبؤ بمستقبل السوق العقاري، ولكن هناك عددا من العوامل نستطيع قراءتها، تشير إلى أن الحكومة طالما لم تقم بتحرير الأراضي السكنية في مناطق قريبة من النطاق الحضري، وعدم اقرار مجلس الأمة تشريعات جديدة متعلقة بقانوني المطور العقاري والتمويل، فإن أسعار عقارات السكن الخاص في 2023 ستبقى على معدلاتها الحالية من دون تغيير يذكر.
ويضيف ان قطاع الأراضي والعقار الخاص بعيدان عن تأثير رفع أسعار الفائدة، لأن أغلب المواطنين يعتمدون على التمويل الشخصي لشراء بيت وليس على التمويلات البنكية، ناهيك عن أن السكن عبارة عن حاجة أساسية لا يمكن تأجيلها او تأخيرها خصوصاً بالنسبة للشباب المقبل على الزواج.
ويؤكد الدغيشم أن العقار الاستثماري سيتأثر بشكل ملحوظ من الارتفاعات المتتالية لأسعار الفائدة، بعد أن أصبحت الفوائد من الودائع المصرفية «مغرية» أكثر من عوائد العقار بالنسبة للمستثمرين، مشيراً إلى أن التأثير السلبي الآخرعلى القطاع جاء من خلال حملات بلدية الكويت بإغلاق ومنع سراديب العمارات من تأجيرها كمخازن، بعد أن كانت تحقق عائداً أعلى للعقار.
أما فيما يتعلق بوضع العقار التجاري، فيشير إلى أن القطاع يشهد حالياً حالة من الهدوء، ما عدا بعض الأسواق الشعبية مثل «المباركية»، وبعض المجمعات الكبرى التي مازالت تحافظ على روادها، متوقعاً أن يؤثر التضخم في الحركة التجارية خلال 2023.
انخفاض وشيك
توقع الخبير في سوق العقار المحلي، المدير العام لشركة أبراج بهبهاني العقارية، علاء بهبهاني، أن يشهد العقار في 2023 هبوطاً في الأسعار بعد الركود خلال 2022، في ظل عدم وجود أي بوادر تشير إلى ارتفاع أسعاره.
ويوضح أن قوة الهبوط في العقار السكني يحدّدها مدى جدية الحكومة في علاج القضية الإسكانية، مشيراً إلى أن نزول الأسعار سيشمل بعض العقارات، خصوصاً في المناطق البعيدة عن مدينة الكويت، إضافة إلى عقارات الفضاء والهدام والورثة، مبيناً أن 2023 سيكون عام ظهور نتائج رفع الفوائد للفدرالي الأميركي وبقية البنوك المركزية في العالم على أسعار العقارات.
وبالنسبة للعقارات التجارية والاستثمارية، يقول بهبهاني إن أسعارها ستبقى إما على حالها أو ستتجه نحوالانخفاض خلال العام الجديد، متوقعاً بألا تكون عوائد القطاعين مجدية، باستثناء العقارات التي تقع في المناطق الإستراتيجية وذات البناء المتين والكثافة السكانية العالية، متوقعاً أن تكون حال العقارات التجارية في الكويت خلال 2023 كمثيلتها في أميركا وبريطانيا وأوروبا، بعد أن انتقل العمل في تلك الدول بنسبة تقارب من %75 إلى المنازل، وهذا ما قد يقلل من المساحات المشغولة لدى القطاع.
«المناطق الداخلية».. متماسكة
استبعد مصدر عقاري أن تتأثر أسعار السكن الخاص في المناطق الداخلية برفع الفائدة، حيث يظل هدوء القطاع سيد الموقف، وذلك لأسباب أصبحت معروفة، منها شح الأراضي في تلك المناطق وزيادة الطلب عليها.
وأضاف إن السبب الآخر، الذي يحد من تأثير الفائدة على مساكن المناطق الداخلية، خاصة الراقية منها، مثل الشويخ السكنية وضاحية عبدالله السالم والشامية والفيحاء والخالدية وغيرها، هو اعتماد الراغبين بالشراء ضمن نطاقها على التمويل الشخصي، وليس على الاقتراض المصرفي. ورأى المصدر أن رفع أسعار الفائدة لن يكبح الأسعار الجنونية للقطاع السكني في عام 2023، إلا حال تحرير الأراضي، وهذا الأمر غير مرجح حالياً، أقله على المدى المنظور.
العقار في 2022
أظهرت بيانات «الحسبة العقارية» انخفاض النشاط العقاري في البلاد خلال 2022 مقارنة بعام 2021، اذ تراجع عدد الصفقات بنسبة %45 من 8115 صفقة في 2021 الى 4470 صفقة بنهاية 2022، فيما بلغ إجمالي التداولات العقارية بنهاية العام الحالي 2.76 مليار دينار مقابل 3.21 مليارات دينار في 2021 بانخفاض سنوي نسبته %14.
متفائلون
البعض يرى أن 2023 سيجلب بوادر خير وسيخفض الأسعار، للأسباب التالية:
1- دعم القيادة السياسية للحلول الكفيلة بمعالجة الأزمة الإسكانية
2- إصرار النواب على أن تكون القضية الاسكانية على رأس أولويات مجلس الأمة
3- ارتفاع أسعار الفائدة، ستقلل بدورها الإقبال على العقار، وبالتالي ستخفض من سعره
4- المساعي الجدية الرامية لإعادة تنظيم السوق ومنع الفوضى العقارية الحالية
5- موافقة مجلس الأمة على تأسيس شركات إنشاء المدن السكنية (بالمداولة الأولى)
متشائمون
عوامل كثيرة قد لا تبشر بانخفاض أسعار العقار خلال العام الحالي، أبرزها:
1- مماطلة السلطات المختصة في اتخاذ القرارات العاجلة لحل الأزمة الإسكانية
2- ملفات سياسية عديدة تطغى على السطح وتفوق بأهميتها قضية السكن
3- التراخي في تطبيق القانون لمنع تأجير غير الكويتيين في مناطق السكن الخاص
4- ارتفاع عدد حالات الزواج سنوياً مقابل عجز الدولة في توفير سكن للشباب
5- تراكم الطلبات الإسكانية على مر السنين وصعوبة تلبية مستحقيها بالسرعة المطلوبة