بدأت أسعار الشقق السكنية في فرنسا في الانخفاض إلى مستوى غير مسبوق منذ عشر سنوات نتيجة ارتفاع أسعار الائتمان وفق بيانات نشرتها شبكة سنتوري 21 حول حصيلة عام 2022، وذلك مقابل انتعاش في سوق العقارات الفاخرة بسبب عودة الأميركيين إلى السوق الفرنسي.

وأوضح المسؤول عن الشبكة شارل ماريناكيس في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن فرنسا تشهد منذ الصيف الماضي ارتداداً في سوق العقار في سابقة هي الأولى منذ 2011 و2012.

ولفت التقرير إلى أن أسعار الشقق زادت بنسبة %4 طيلة العام الماضي وبنسبة %7.1 للمنازل، فيما بلغ عدد المبيعات 1.13 مليون وحدة سكنية غير بعيد عن الرقم القياسي المسجل في 2021، الذي بلغ 1.17 مليون وحدة سكنية، لكن في التفاصيل تبدو الصورة مختلفة تماماً، إذ إن الشقق التي بلغت أسعارها الذروة في يوليو ووصل متوسط سعر المتر المربع فيها إلى 4480 يورو تراجع بنسبة %7 ليصل الى 4167 يورو للمتر المربع في ديسمبر الماضي

وأما بالنسبة للمنازل، فبعد أن بلغ سعر المتر المربع الذروة في يونيو الماضي ليصل إلى 2742 يورو، تراجع بشكل طفيف بنحو %1.3 في ديسمبر ليصل إلى 2706 يورو.

وسنتوري 21 ليست الوحيدة التي انتهى تقريرها إلى هذه النتيجة، فشبكات وكالات عقارية تؤكد وفق «لوفيغارو» انخفاض الأسعار. ففي تقريرها السنوي الذي صدر مطلع هذا الشهر أكدت شبكة لافاوري العقارية انخفاض الأسعار لأول مرة منذ شهور في المدن الكبرى والدوائر المعروفة بأسعارها المرتفعة.

ووفق الشبكة ذاتها فقد تراجعت أسعار العقار في باريس بنسبة %1.3 وفي بوردو بـ%0.9، بينما وصلت النسبة إلى %0.5 في ليون.

قفزة في النشاط

على صعيد آخر، لا يبدو أن سوق العقارات الفاخرة يواجه أي أزمة في فرنسا، إذ نقلت «لوفيغارو» عن نيكولا بيتكس موفا المدير العام لشبكة دانيال فيو قوله «كان عام 2022 الأفضل مقارنة بكل الأزمان بغض النظر عن شرائح السعر».

فقد ارتفعت مبيعات الشبكة من العقارات التي يتجاوز سعر كل وحدة منها 4 ملايين يورو بنسبة %40، وأما وعود البيع فلم تتوقف أبداً، والوضع نفسه لدى شبكة بارنز التي سجلت ارتفاع رقم أعمالها بنسبة %10 في 2022 والعديد من المبيعات التي تتجاوز 20 مليون يورو للأجانب والفرنسيين، وأما سوثيبيز فتتحدث عن قفزة في نشاطها بنسبة %20.

ويعزو ريشار تزيبين المدير العام لبارنز هذا الارتفاع إلى ارتفاع عدد المبيعات بسبب استقرار الأسعار.

ومع ذلك أشار تزيبين إلى أن الكثير من المشترين سعوا إلى التفاوض أكثر بسبب الميزانيات المنخفضة، فيما لفت نيكولا بيتكس من شبكة دانيال موفا إلى أن المبيعات أصبحت تستغرق وقتاً أطول ويصعب إتمامها، خاصة بالنسبة للمنازل المبنية على الطراز الهوسماني، التي تزيد مساحتها عن 250 مترا مربعا وتحتاج إلى أعمال ترميم.

عودة الأميركيين

بشكل عام، لا يزال السوق مزدهرا للغاية، إذ يؤكد سيباستيان كوبرفيس، رئيس مجموعة جونو عدم وجود تباطؤ حتى فيما يتعلق بالوعود بالبيع. مضيفاً «ارتفع متوسط سعر البيع لدينا بـ1000 يورو للمتر المربع ليصل إلى 15400 يورو للمتر المربع».

كما أشار كوبريس إلى عودة الأميركيين والزبائن الذين يتعاملون بالدولار بقوة إلى السوق الفرنسي خلال الأشهر الأخيرة، مستفيدين من سعر الصرف المناسب جداً، وأسعار الفائدة المنخفضة مقارنة بالولايات المتحدة وحتى المسلسل الأميركي «إميلي في باريس» الذي تبثه نتفليكس منذ 2020.

الانتعاش يمس العقارات الريفية

ليست باريس المستفيدة من ازدهار سوق العقارات الفاخرة وفق الخبير العقاري مارك فوجولز الذي يؤكد أن المناطق الريفية تشهد هي الأخرى بيع عقارات جميلة بأسعار مرتفعة جداً بينها عقار في بيع مقابل 4 ملايين يورو في منطقة شانتيي بعد زيارة واحدة.

والديناميكية ذاتها يشهدها الجنوب الفرنسي، حيث أشرفت، أخيراً، شبكة اميل غارسان على بيع عقار مقابل 22 مليون يورو لزبون انجلوساكسوني.

ويتوقع الخبراء أن يستمر ازدهار سوق العقارات الفاخرة خلال 2023، فيما رجَّحت دراسة أجرتها شبكة نايت فرانك انتعاش مبيعات العقارات الفاخرة في المناطق الجبلية.