يلاحظ العديد من المتعاملين في السوق العقاري، سواء كانوا تجارا أو مكاتب وساطة أو مقيمين عقاريين، أن العديد من عقارات السكن الاستثماري التي يتعاملون معها تخالف أنظمة البلدية أو قوة الإطفاء.
في رأيي، تعود هذه المخالفات إلى سببين رئيسيين:
1 - طمع بعض ملاك العقارات وغياب الرقابة الفعالة:
نتيجة لغياب الرقابة الدورية، سواء بسبب نقص التشريعات أو تقاعس الجهات المعنية، تتزايد المخالفات. يدفع الطمع في زيادة الإيرادات بعض الملاك إلى تجاوز القوانين من خلال إضافة مساحات إيجارية غير قانونية، مثل بناء شقق أو ملاحق إضافية، أو تقسيم الشقة الواحدة إلى شقتين، من دون مراعاة للأنظمة والقوانين.
2. عدم ملاءمة بعض أنظمة البلدية وقوة الإطفاء للتطورات الحديثة:
في بعض الأحيان، تكون الأنظمة قديمة وغير مواكبة للتطورات، مما يدفع بعض الملاك إلى مخالفتها. هنا، لا أقصد المخالفات الجسيمة، بل تلك المتعلقة بالتصميم أو الجوانب الجمالية التي لا تؤثر في البنية التحتية أو الخدمات، ولا تتعارض مع معايير الأمن والسلامة.
إعادة النظر
من وجهة نظري، أرى أن هناك ضرورة لإعادة النظر في نظام بناء السكن الاستثماري لتكون أكثر واقعية وتتماشى مع احتياجات الناس الحالية ويكون أكثر مرونة بما يخدم المجتمع والاقتصاد. ومع ذلك، لا يعني هذا بأي شكل من الأشكال تشجيع المخالفات القائمة حالياً، وخاصة الجسيمة منها، إلى أن يتم تحديث الأنظمة.
أما المخالفات الجسيمة، فهي تؤثر بشكل مباشر في قدرة العقار على استيعاب السكان وتزيد من مخاطر الأمن والسلامة. كما تضع ضغطاً إضافياً على البنية التحتية للمنطقة، بالإضافة إلى المرافق العامة والخدمات، التي قد لا تكون مصممة لتحمل هذا العدد الكبير من السكان.
تؤثر هذه المخالفات أيضاً بشكل كبير على تقييم العقارات وقروضها العقارية الممنوحة من البنوك. فعند دراسة مشروع بناء عقار سكن استثماري، هل يتم احتساب الإيرادات المتوقعة بناءً على الأنظمة القانونية أم على المخالفات؟
هذا يخلق تحدياً كبيراً للمقيم العقاري عند تحديد قيمة العقار، ويؤدي إلى فجوة بين سعر الشراء المبنى على المخالفات والقيمة السوقية وفق أنظمة بلدية الكويت. هذه الفجوة تضر بالسوق العقاري بشكل عام، حيث يصبح من الصعب تقدير القيمة السوقية الحقيقية للعقار، وتزيد من المخاطر المحتملة على البنوك التي تعتمد على التقييمات العقارية عند منح القروض.
نتيجة لذلك، عزف العديد من تجار العقار الملتزمين أنظمة بلدية الكويت عن الاستثمار في هذا القطاع، لعدم جدواها الاقتصادية، بينما استمر التجار الجشعون في الاستفادة من هذه المخالفات.
السؤال هنا: هل يجوز شرعاً تعظيم الإيرادات من خلال مخالفة أنظمة الدولة؟