News Details

Picture of الصبيح لـ «الجريدة• »: «شركات المدن الإسكانية» حل وهمي لا يمكن تطبيقه
02/01/2023

الصبيح لـ «الجريدة• »: «شركات المدن الإسكانية» حل وهمي لا يمكن تطبيقه

أكد وزير الدولة لشؤون الإسكان الأسبق د. عادل الصبيح أن قانون المدن الإسكانية، الذي أقره مجلس الأمة في مداولته الأولى، يعتبر حلاً وهمياً للأزمة الإسكانية، وهو غير مجدٍ للمستثمر المراد إشراكه، ولا للمواطن المستحق للرعاية السكنية، كما لا يحقق وفراً على الدولة، مما يشجعها على تحرير الأراضي ويمكنها من إنجاز مشاريع توسعة لإنتاج الكهرباء والماء والصرف الصحي والطرق. وقال الصبيح، في لقاء مع «الجريدة»، إن القانون يعالج الخلل في غير موضعه، بينما يكمن الخلل الحقيقي في كيفية توفير التمويل اللازم لتغطية الطلبات الإسكانية، التي يبلغ عددها الفعلي نحو 140 ألف طلب، تشمل الطلبات القائمة لمن ينتظرون دورهم في الرعاية السكنية، ومن تم تخصيص أراضٍ لهم على الورق، ومن لم يحصلوا حتى الآن على التمويل. وأوضح أن إقرار هذا القانون سيعتبره الناس حلا للقضية الإسكانية، ويتصورون أنه فور تأسيس الشركات ستشرع في بناء المدن وتوفير المساكن، وهذا الكلام وهم، وغير قابل للتحقيق بالمعدلات المستهدفة. وأفاد بأن من عيوب القانون أنه خلط مع هدف الإسكان مواضيع أخرى تبعد القانون عن هدفه الرئيسي، كإدخال حق الانتفاع التجاري للشركات وإدخال المشاريع الصغيرة والمساكن غير المخصصة للإسكان. وبين أن الفكرة من إنشاء شركات للمدن الإسكانية لها هدفان؛ الأول سرعة الإنجاز، والثاني تقليل التكلفة، وعند المقارنة مع المطور العقاري نجد أن الأخير أقل تكلفة وأسرع إنجازاً، وأقل مخاطرة، وفيما يلي نص اللقاء. • ما رأيك بقانون المدن الإسكانية الذي تم التصويت عليه في مداولته الأولى؟ - فكرة إنشاء شركات للمدن الإسكانية فكرة غير جديدة، فهي تُطرح هنا للمرة الرابعة، إذ طرحت هذه الفكرة في الأعوام 2007 و2010 و2012، وصدرت فيها قوانين. وهي في الحقيقية غير قابلة للتطبيق، والمؤسسة العامة للرعاية السكنية لها صلاحية تأسيس شركات للمدن وبنفس هذه المهام والتشكيل، وبعد الدراسة انصرفت عنها لكونها غير مجدية. القضية الإسكانية جوهرية وحساسة، وتهمّ كل أطياف المجتمع، لذا يجب أن تكون الحلول الخاصة بها مدروسة بتأنٍّ من جميع الجوانب لضمان أن تكون فعّالة وشاملة ومستدامة ومدعومة بدراسة جدوى اقتصادية تثبت جدوى الرؤية ومتطلبات التمويل. وفي حال عدم فعالية الحل وفشله، كما حدث في السابق، فسيؤدي ذلك الى تأخير الحل الفعال لأكثر من 10 سنوات لحين اكتشاف أن الحل كان وهماً، مما سيكون له الأثر السلبي الكبير على المجتمع. القانون يعالج الخلل في غير موضعه، إذ إن الخلل الحقيقي يكمن في كيفية توفير التمويل اللازم لتغطية الطلبات الإسكانية التي يبلغ عددها الفعلي تقريباً 140 ألف طلب إسكاني، ما بين الطلبات القائمة والمخصص لهم على ورق والذين لم يحصلوا إلى الآن على التمويل. فإنشاء شركات للمدن الإسكانية يعتبر حلاً وهمياً للأزمة الإسكانية، وهو غير مجدٍ، لا للمستثمر في الشركة ولا للمواطن المستحق للرعاية السكنية، ولن يحقق وفرا على الدولة، علاوة على أن تأسيس الشركات سيأخذ وقتاً طويلاً حتى تتشكل وتعمل، وهناك أمثلة كثيرة لإنشاء شركات بقانون فشلت في تحقيق الأهداف المرجوة. • ما ملاحظاتك على القانون؟ - فكرة القانون خطأ من الأساس، ولم تُبنَ على رؤية شاملة للقضية الإسكانية، وكما ذكرت أنه يعالج الخلل في غير موضعه، ولحل القضية الإسكانية خلال 10 سنوات مثلا نحتاج لإنجاز وتسليم 22 ألف قسيمة للمواطنين سنويا، وبعد ذلك تتم تلبية الطلبات السنوية أولا فأولا. كل قسيمة تحتاج إلى تمويل 70 ألف دينار من بنك الائتمان، إضافة إلى مواد مدعومة من وزارة التجارة والصناعة بـ 30 ألفا، بإجمالي 100 ألف، أي أننا بحاجة الى 2.2 مليار دينار سنويا، لتغطية تمويل هذه المعدلات من الإنجاز، وهذا المبلغ يشكّل نحو 13 بالمئة من دخل الدولة من النفط والاستثمار، فإن استطاعت الدولة توفير هذه المبالغ بشكل مستدام، فالمواطن يستأهل وأموال الدولة كلها له لأمنه ورفاهيته واستدامة الخير، وإن لم تستطع فلا بدّ من إيجاد حلول فعالة. في الواقع يستحيل على الدولة توفير هذه المبالغ في ظل المعطيات الحالية والعجوزات التي تعانيها الميزانية والاستدامة المطلوبة، ولو افترضنا جدلا أن الحكومة استطاعت توفير الأموال اللازمة لتغطية الطلبات الإسكانية السنوية، فسنواجه أزمة أخرى، هي الكهرباء والماء، التي تكلف أكثر من 100 ألف دينار لكل قسيمة لتركيب طاقة إنتاج في محطات الكهرباء والماء والصرف الصحي والخدمات، فضلا عن تكاليف التشغيل والإنتاج والوقود السنوية. والأسوأ أثراً أنه متى ما أقرّ هذا القانون، فسيعتبر أن القضية الإسكانية انتهت، وسيتم الترويج بأنه فور تأسيس الشركات ستشرع في بناء المدن وتوفير المساكن، بالمعدلات المطلوبة، وهذا الكلام عار عن الصحة.

• إذا كانت الشركة ستحصل على عقود انتفاع في المناطق، فأين مشكلة الجدوى المالية؟ - من عيوب القانون أنه ركّز على مواضيع أخرى ابتعدت عن الهدف الرئيسي، وهذا لا يخدم القضية الإسكانية، حيث تم إدخال موضوع حق الانتفاع التجاري للشركات، إضافة الى إدخال المشاريع الصغيرة والوحدات السكنية غير المخصصة للإسكان. فحق الانتفاع والتوسع فيه مثلا ممكن أن يجعل الشركة رابحة للمستثمر والمساهمين، لكن في مجمل المشروع الإسكاني يكون أكثر تكلفة على الدولة، أي أن تطرح مشروع تطوير عقاري فقط، وآخر مزايدة على حق الانتفاع يحقق اسعار للسكن للمواطن اقل وعائد للدولة أكثر. أما خلط الاثنين فسيكون المستثمر أشطر بكثير من الحكومة، ويستطيع تحقيق أرباح خيالية لنفسة منفردا دون المساهمين وأرباح متواضعة للمساهمين، كما أنه في حال التعثّر يستحيل على الحكومة ترك الشركة بلا امتيازات إضافية على حساب المال العام لدعم الشركة لوجود 50 في المئة مساهمين من المواطنين ويستفيد اكثر المستثمر. إضافة الى أن القانون قانون إذعان، حيث إن السلطة تنتهي عند المؤسسة العامة للرعاية السكنية في السهم الذهبي وتحديد نسبة الأرباح والأسعار، هذا النوع من شركات الإذعان يشجع المستثمر الفاسد ويبعد المستثمر الشريف.

المطور العقاري • بماذا يختلف القانون عن فكرة المطور العقاري؟ - الفكرة من إنشاء شركة للمدن الاسكانية لها هدفان، الأول سرعة الإنجاز والثاني تقليل التكلفة، وعند المقارنة بين الشركة - كما ورد في القانون - والمطور العقاري، نجد أن الأخير أقل تكلفة وأسرع إنجازا. القانون نص على أن تكون شركة المدن الإسكانية شركة مساهمة ومدرجة في سوق الأوراق المالية، وهذا يتطلب تكاليف للإدراج والحوكمة ووظائف لا تقل قيمتها عن 200 ألف دينار سنويا، إضافة إلى أن القرار يتخذ من قبل مجلس الإدارة، لكونها شركة مساهمة، وتحتاج الى إجراءات مرتبطة بالحوكمة والشفافية لطرح المناقصات، وهذا يأخذ المزيد من الوقت والمال، بينما المطور العقاري يعمل بأمواله الخاصة، ولا يتطلب كل تلك المصاريف والإجراءات، وسيراعي سرعة ودقة وجودة الإنجاز للمحافظة على استمراريته لتحقيق الأرباح والحصول على مشاريع تطوير أخرى. كما أن شركة المدن ليست لديها خبرة في التطوير العقاري، والذي سيقود المشهد هو المستثمر الذي يمتلك نسبة لا تقل عن 26 بالمئة، ويستطيع المستثمر من خلال طرق عديدة التحايل والاستئثار بأعمال وتحقيق أرباح لنفسه من خلال عقود خاصة يبرمها مع الآخرين على حساب بقية مساهمي الشركة. ويتطلب ذلك وجود رقابة صارمة لمنع تضارب المصالح والتلاعب والاستفادة بشكل غير قانوني. بينما نحن في غنى عن ذلك كله مع المطور العقاري، وتكون الرقابة في نطاق محدود وفني. وأخيرا، في حال تعثر شركة المدن الإسكانية يجب على الدولة أن يكون لها دور في حل مشكلتها، لأنها مرتبطة مع مواطنين مساهمين، في حين أنها غير مسؤولة في حال تعثّر المطور العقاري، ففي نهاية المطاف هو يعمل بأمواله.

• هناك ملاحظات من الجهات التابعة للدولة، فلماذا صوّتت الحكومة مع القانون، رغم تلك الملاحظات؟ - الحكومة وافقت على قانون 47/ 93 بالرغم من اعتراض الوزير المعني آنذاك، المرحوم حبيب جوهر حيات، ووافقت على قانون 27/ 95 وأكثر من 15 تعديلا كلها فاشلة، ولم تحقق شيئا، والحكومة يجب أن تكون لها رؤية واضحة ودور قيادي أكبر في تقديم الحل الأمثل والفعال للقضية الإسكانية، لا أن تقاد.

في الواقع، أنا أشفق على المواطن، إذ إنه يُخدع كثيرا، ويتم إيهامه بأن الحلول قادمة، وأدلل على كلامي بأن القانونين 47 لسنة 93 و27 لسنة 95 وجميع التعديلات التي تمت عليهما، لم يستطيعا تقليص فترة الانتظار أو تغطية الطلبات الإسكانية السنوية، لتصل فترة الانتظار الى 20 سنة، وهذه تعتبر كارثة وظلما كبيرا للمواطن. نحو 15 تعديلا على القوانين الإسكانية، وجميعها في اتجاه تعقيد القضية الإسكانية، الآن يجب التوجه نحو بدائل تكون أكثر فاعلية واستدامة، وأن تعمل على حل أصل المشكلة.

المتوالية الإسكانية • برأيك، ما هو ما الحل الأمثل؟ - يكمن حل الأزمة في معالجة المتوالية الإسكانية، وهي مجموعة من القضايا المتتالية: - تحرير الأراضي - تطوير المساكن - تمويل الشراء - توفير الكهرباء والماء والصرف الصحي، وغيرها من الخدمات. فتحرير الأراضي قرار، وكما هو معلوم أن المؤسسة العامة للرعاية السكنية لديها حاليا أراضٍ تلبي احتياج ما لا يقل عن 200 ألف وحدة سكنية. ثاني المحاور هي إطلاق مبادرة أو إنشاء كيان أو شركة هدفها الرئيسي تسلّم الأراضي من الدولة وتطويرها عن طريق المطورين العقاريين بمنافسة على الجودة وسعر البيع للمواطن، ومن ثَمّ بيعها بأولوية طلبات الرعاية السكنية، شريطة تنازله عن حقوقه في بنك الائتمان ودعم وزارة التجارة ويوفر للمواطن الاقتراض من البنوك المحلية بمرابحة مخفضة. ويقوم المطورون العقاريون ببناء القسائم والفلل بمساحات مختلفة وشقق بمجمعات سكنية متكاملة الخدمات وذات خصوصية عالية، وبأسعار محددة سلفا، ويترك للمواطن حرية اختيار مسكنه، إذ يجب على الدولة توفير منتجات متنوعة لتناسب الاحتياجات المختلفة. أما المحور الثالث لحل الأزمة الإسكانية، فهي توفير التمويل المستدام، الدولة خلال العقود السابقة كانت قادرة على توفير ما يلزم لتمويل عدد معيّن من الوحدات السكنية، أما في ظل المعطيات والظروف الحالية، فبالتأكيد لن تستطيع. والتمويل لا يكون مستداما إلا بمرابحة مخفضة من خلال البنوك التجارية، حيث إن وجود عنصرَي المرابحة والضمانات سيفتح آفاق التمويل من الخارج بلا حدود، وتستطيع البنوك أو الدولة طرح سندات للحصول على مليارات الدنانير بعوائد لا تتجاوز نسبتها 2 بالمئة، وسيكون الطريق سالكا للحكومة أو البنوك للاقتراض من الخارج والإقبال على سنداتها، وذلك ببساطة لوجود عوائد وضمانات بقيمة أعلى من أصل الدَّين (الأرض). وهذا يتطلب قبول المواطن سداد أصل الدين ومرابحته، بمدد تتراوح بين 20 و30 سنة بدلا من 52 سنة حاليا، وسيكون القسط الشهري الذي سيتحمّله المواطن أقل بكثير من إيجار شقة، وذلك مقابل تقليص فترة الانتظار التي تصل مدتها حاليا الى 20 سنة.

وفي حال تعثّر المواطن عن السداد، وهذا يُحتمل بنسبة لا تتجاوز 1 في المئة، سيتم بيع الوحدة بمزاد ويسدد ما تبقى من الدَّين، ومن ثم توفير سكن آخر أقل تكلفة للمتعثر وأسرته، إضافة الى أن هذا التصور يتعامل مع الفرد، ويعطي ميزة للأسرة الكويتية (زوج وزوجة كويتيان)، أي أنه يغطي كذلك الرجل الذي لم يتزوج والمرأة التي لم تتزوج أو المطلقة أو الأرملة. والمحور الرابع في متوالية الإسكان هي في توفير الكهرباء والماء والصرف الصحي وغيرها لهذه الوحدات، إذ انه بعد تخفيف العبء والالتزام المالي، سيكون بمقدور الدولة تنفيذ مشاريع إنتاج الكهرباء والماء والصرف الصحي والطرق، وغيرها من الخدمات، وهي مكلفة جدا، إذ إن مجموع الطلبات الإسكانية المراد تنفيذها 140 ألفا، يوازي مجموع المنازل القائمة (نحو 130 ألفا)، أي أن الدولة بحاجة الى طاقة إنتاجية تعادل الطاقة الحالية. وتعتبر تكلفة انتاج الكهرباء والماء في الكويت عالية، حيث إن العديد من الدولة شرعت في استخدام وسائل موازية؛ مثل الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، الذي يكلف بالطاقة الشمسية نحو 4 فلوس للكيلواط/ ساعة، فيما يكلف في المحطات التقليدية للوقود فقط نحو 23 فلسا للكيلواط/ ساعة. وإنتاج الماء بالتناضح العكسي يكلف نحو ٨٠٠ فلس للألف غالون، فيما بالطرق البخارية القائمة يكلف نحو ٦ دنانير للوقود. ولا يتحقق ذلك إلا من خلال عقود مع منتج مستقل، كما فعلت السعودية والإمارات. عدو وهمي واحتكار للأراضي بسؤال الصبيح عن جدوى محاربة الاحتكار بفرض الضريبة العقارية، ورفع الدعوم عن البيت الثالث، وأثرها على القضية الإسكانية، قال إن أخطر المعارك أن تحارب عدوا وهميا لا وجود له، فهو يستنفد طاقتك ولن تنتصر عليه، وهذه كلها معارك وهمية. أولا لنتساءل: هل يوجد احتكار؟، وأفترض أن عدد الأراضي المحتكرة 13 الف قسيمة يعادل 10 بالمئة من القائم، ماذا يؤثر ذلك مقابل 140 ألف طلب إسكاني لبلد عدد مساكنه الحالية نحو 130 ألفا؟ هنا أصبح الاحتكار، إن وُجد جدلا، لا أثر له، إذ إن الأسعار تعتمد بالدرجة الأولى على العرض والطلب. وأضاف أن هناك العديد من الطرق للتحايل على هذه القوانين، فمن الأَولى زيادة المعروض من العقارات السكنية، بدلا من الخوض في المعارك الوهمية، وفي حال تنفيذ رؤية فعالة للإسكان سيكون العرض بتزايد وستكون الأسعار في انخفاض. فشل القانون يعني استمرار ارتفاع العقارات قال الصبيح إن فشل القانون في حل الأزمة الإسكانية يعني استمرار ارتفاع أسعار العقارات السكنية، وذلك لوجود طلب مرتفع يقابله انخفاض شديد في المعروض، موضحا أنه في حال الاستمرار بهذا القانون سيكون استمرارا للفشل القائم. ولذلك يجب استحداث بدائل موازية فعالة. التأجير في المناطق السكنية أفاد الصبيح بأن البعض يشتكي من وجود عمليات تأجير في المناطق السكنية، وهذا في طبيعة الحال وضع خاطئ، ويسبب ضغطا على الخدمات المقدّمة من الدولة، مبينا أن التأجير في المناطق السكنية، وإن كان خطأ، إلا أنه وفر سكنا لما لا يقل عن 100 ألف أسرة. ولفت إلى أن منع التأجير في ظل الأزمة الإسكانية الحالية سيخلق أزمة أكبر، إذ من المفترض في الوقت الحالي البحث عن حلول للأزمة الإسكانية أولا، ومن ثم منع التأجير.


Archives