في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتذليل العقبات أمام الاستثمارات الأجنبية وفتح الباب أمام شراكات لإطلاق مشروعات تنموية خدمية وعقارية واستثمارية تقدّر كلفتها بمليارات الدنانير، لا تزال إدارة التسجيل العقاري في وزارة العدل تمنع حتى الآن الشركات المتخصصة، سواءً مدرجة أو غير مدرجة من تسجيل عقاراتها، في حال تضمنت سجلات مساهميها أجانب، ما يجعل ما تستهدفه الحكومة في وادٍ والتسجيل العقاري في وادٍ آخر.
وعبرت مصادر حكومية عن استغرابها من استمرار النهج الحالي في التعامل مع القطاع العقاري الذي يعد شرياناً رئيسياً للاقتصاد الوطني، فيما أشارت إلى نقاشات تجري حالياً لإيجاد حلول ملائمة لقضية توقف «التسجيل العقاري» عن اعتماد نقل أي عقار إلى أي شركة مساهمة مدرجة أو مقفلة أو ذات مسؤولية محدودة إذا كان من بين مساهميها أجانب.
وقالت المصادر إن النقاشات هذه المرة تتم على مستوى وزارتي العدل والتجارة والصناعة، حيث تلقت «التجارة» خلال الفترة الماضية شكاوى كثيرة من مسؤولي الشركات العقارية المتداولة أسهمها في بورصة الكويت أو خارجها في ظل اصطدامها الدائم بمنع تسجيل أو نقل العقارات المملوكة لها من قبل إدارة التسجيل العقاري بـ«العدل»، مؤكدة أن هناك اهتماماً من قبل وزير العدل الحالي فالح الرقبة وأيضاً وزير التجارة والصناعة محمد العيبان للتوصل إلى صيغة مناسبة لتحقيق الهدف دون حدوث خلل أو تعارض.
ونوهت إلى العمل على بحث تفسير يدفع عجلة التسجيل للعمل مرة أخرى، منوهة إلى أن الوزيرين منفتحان على الملف ومهتمان بالتوصل إلى حلول.
وأضافت المصادر: «هُناك فريق عمل مشترك يتابع القضية، وينتظر أن يخرج بصيغة مرنة لمعالجة الأزمة، لكن في النهاية يجب إصدار تشريعات توائم وتواكب التطورات التي تشهدها الساحة المحلية والإقليمية والعالمية، فالدولة أصبحت منفتحة على الاستثمارات الأجنبية، وجذب رؤوس الأموال من الخارج يتطلب نهجاً مختلفاً عما هو متّبع محلياً».
وحذّرت مصادر مسؤولة من تسبب مثل هذه الإجراءات في هجرة رؤوس الأموال من الكويت، خصوصاً أن الكثير من الشركات المحلية الكُبرى توجهت نحو البدائل الخارجية من خلال استثمارات عقارية بعد أن اصطدمت بالروتين الذي يقضي بمنع التسجيل العقاري لأي شركة مملوكة لأجانب ولو بسهم واحد، وتوالي رفض «التسجيل العقاري» في «العدل» لطلبات شركات عقارية مدرجة خلال الفترة الماضية، وغير عقارية تسمح أغراضها بتملك العقارات، نتيجة تملك أجانب جزءاً من أسهمها.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه الشركات المدرجة في البورصة للترقية والانتقال من السوق الرئيسي إلى سوق الواجهة «السوق الأول» الذي تستهدفه المؤسسات الأجنبية لشموله على الكيانات التشغيلية القيادية ما بين بنوك وشركات عقارية وخدمية واستثمارية متنوعة، إلا أن الشركات التي تنشط عقارياً تواجه تحديات كبيرة لتنمية أعمالها تتمثل في صعوبة نقل العقارات وتنفيذ صفقات ضخمة محلياً بسبب الروتين، رغم أن أسهمها تمثل أهدافاً استثمارية للمتعاملين المحليين والأجانب (القيمة السوقية للقطاع في البورصة تبلغ 2.656 مليار دينار).
وتابعت المصادر أن عدم تمكن الشركات العقارية من تسجيل عقاراتها المشتراة بسبب التقيد بمواد قانون قديم (1979/74)، يضعها في حرج مع مديري استثمار أجانب ناقشوا العديد من القضايا مع شركات السوق الأول وشركات مدرجة أخرى خلال الفترة الماضية، حيث تناولوا التحديات التي تعيق نمو نشاطاتها محلياً وكانت النتيجة المحرجة أن من بينها منع تسجيل أو نقل العقارات الجديدة لكون تلك الشركات مملوكة بحصص ولو بسيطة لأجانب.
وكان لشركات عقارية يساهم فيها الأجانب بملكيات مختلقة رغم استحواذ الكويتيين على غالبية أسهمها وقفات للرد على أسئلة المساهمين عبر مؤتمرات المحللين وغيرها، حيث طرح البعض أسئلة حول قضية التسجيل، وكانت الإجابة «لدينا عقارات وفرص واعدة لكن هناك عوائق تحول دون المضي في تنمية الأعمال»، فعلى الرغم من كون تلك الشركات مساهمة ومرخصة من وزارة التجارة والصناعة وتخضع للتدقيق من قبل مكاتب معتمدة، وعقود تأسيسها المسجلة في وزارة العدل نصت على حق شراء وبيع وتملك وتطوير الأراضي والعقارات، لكنها ستظل ممنوعة من ممارسة هذا النشاط حال استمرار العمل بالضوابط الحالية.
وأفادت المصادر بأن شكاوى سابقة وُجهت إلى العديد من الجهات، حيث بات لدى هيئة أسواق المال والبورصة واتحاد العقاريين وغيرهم من الجهات ذات العلاقة التفاصيل الكافية حول تداعيات مثل هذه الإجراءات حال استمرارها.
ونوهت إلى أن «التجارة» ناقشت أخيراً الموقف مع اتحاد العقاريين لتنتقل في مباحثات أوسع مع «العدل»، متوقعة الخروج بتصور ملائم خلال الفترة المقبلة.
جمود أكثر للقطاع العقاري
لم تستبعد المصادر بحث مؤسسات وصناديق أجنبية عن فرص استثمارية بديلة عن الشركات العقارية خشية عدم تمكنها من تنمية أعمالها محلياً، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتوفير مناخ جاذب للاستثمارات ورؤوس الأموال العالمية، منوهة إلى أن استمرار الروتين والاحتكام لقانون أكل عليه الدهر وشرب ينذر بجمود أكثر للقطاع العقاري.