لا تزال فوضى سوق العقار في الكويت مستمرة، حيث يواجه السوق تدهوراً واضحاً، وشملت هذه الفوضى وسطاء العقار، إذ تزايد عدد الوسطاء المتجولين، مما أدى إلى ارتفاع حالات النصب والاحتيال في مجالات الإيجارات والبيع والشراء، بالإضافة إلى ذلك، هناك تباينات في إحصائيات التداولات العقارية، ونقص في الدراسات العقارية المتخصصة.
ويتطلب السوق العقاري إنشاء هيئة خاصة بالعقار، تهدف إلى تنظيم السوق، والعمل على رسم سياسات جذرية لمعالجة الفوضى الحالية، على أن يكون الموظفون من الأفراد ذوي الكفاءات والخبرات في السوق العقاري الكويتي، ومن المؤكد أن هذه الهيئة ستساهم بشكل فعّال في تحسين الوضع الراهن.
ورغم أن إدارة أملاك الدولة في وزارة المالية وإدارة العقار في وزارة التجارة والصناعة تؤديان دورهما، فإن السوق العقاري واسع، ويحتاج إلى جهة خاصة تتولى شؤونه.
وسطاء إلكترونيون
وفي ظل هذه الفوضى العقارية، من الضروري تنظيم آليات عمل الوسيط العقاري، فقد ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من مكاتب وسطاء العقار غير المرخصة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تُدار من قبل شخص واحد، مما يسهم في زيادة حالات النصب والاحتيال، كما يؤدي ذلك إلى تشتيت انتباه المشترين عن المكاتب المرخصة، ويضيع الفرص السليمة على الطرفين.
الكثير من الباحثين عن عقار اليوم يواجهون صعوبة في التمييز بين المكاتب المرخصة وغير المرخصة، فالمكاتب العقارية المرخصة قليلة جداً، مقارنة بالعدد الكبير من المكاتب الإلكترونية غير المرخصة.
وعند إنشاء هيئة عقارية تحت مظلة وزارة العدل، لابد أن يكون الهدف شاملاً، بحيث يتضمن تنظيم أملاك الدولة، بجانب تطوير النشاط العقاري، ويمكن تحقيق ذلك، من خلال تأسيس موقع إلكتروني عقاري حكومي، يُعرض فيه العقارات المتاحة للبيع أو للإيجار، ويُلزم جميع الوسطاء العقاريين بعرض عقاراتهم من خلاله.
كما يجب أن يكون لكل وسيط أو مكتب عقاري ملف خاص يتضمن رقم الترخيص، تاريخ انتهاء الترخيص، بالإضافة إلى معلومات أخرى مثل أرقام الهواتف، موقع المكتب، واسم صاحب الرخصة.
كما لابد من عرض الصور والسعر وجميع تفاصيل العقار بدلاً من الاكتفاء بذكر الموقع وعدد الغرف والشروط فقط، إذ سيساهم ذلك في جعل التسويق العقاري أكثر شفافية، مما يسهل على الباحث عن عقار العثور على الخيار المناسب دون الخوف من النصب أو الاحتيال، سواء كان يبحث عن شقق، بيوت، أراضٍ، أو حتى مكاتب عقارية ومبان ومجمعات، ذلك يحد من حالات النصب.
بورصة عقارية
ولكي يتم تنظيم السوق بشكل صحيح، يفضل تأسيس بورصة للعقار، مشابهة لبورصة الكويت للأوراق المالية، على أن تكون تحت إشراف الهيئة الجديدة، التي ينبغي أن تؤدي دورها على مستوى هيئة أسواق المال.
ويمكن لبورصة العقار أن تعالج العديد من المشكلات المتعلقة بالسوق العقاري، مثل التقييم العقاري وتوفير الإحصائيات اليومية للتداولات والبيانات العقارية، بالإضافة إلى تسريع إتمام الصفقات، كل ذلك سيساهم في تطوير السوق العقاري، وتعزيز حوكمة عمليات البيع والشراء والتأجير، ومنح السوق المزيد من المصداقية والشفافية.
دراسات دورية.. وتناقض الإحصائيات
يمنح توفير المعلومات الصحيحة الباحثين والمختصين في السوق القدرة على إجراء دراسات وتحليلات عقارية دقيقة. ففي التسجيل العقاري بوزارة العدل، توجد جهتان متخصصتان في الإحصائيات، بالإضافة إلى خانتين في الموقع الإلكتروني تتعلقان بالتداولات (البيع والشراء)، إحداهما تنشر أسعار بيع العقارات، والأخرى تنشر بيع العقارات، ومع ذلك، تختلف الأرقام بين الخانتين، مما يصعب فهم السوق بشكل صحيح.
بالإضافة إلى ذلك، تُكتب بعض الأسعار بشكل غير دقيق، مثل كتابة السعر بالمئة بدلاً من الألف دينار، حيث يؤدي ذلك لتشتيت الباحثين والمختصين والمتداولين كذلك في مجال العقارات، إذ إن تحليل السوق الصحيح يأتي أولاً من صحة الأرقام.
ومن هذا المنطلق، من الضروري وجود قطاع مخصص لتوفير الإحصائيات الدقيقة، وإنشاء قاعدة بيانات مركزية تحتوي على معلومات حول عمليات البيع والشراء، بالإضافة إلى بيانات الأراضي والبيوت. كما يجب أن يكون هناك قطاع آخر يختص بتقديم الدراسات الدورية، ونشر المعرفة العقارية بشكل واسع، وإعداد الدراسات العقارية المتخصصة.