تفاصيل الأخبار

صورة ندوة القبس رسمت حدود المشكلة الإسكانية نحن في أزمة.. ومخاوف من تحولها إلى كارثة .. مؤتمر الكويت للإسكان.. فلسفة جديدة وخريطة طريق
19/01/2014

ندوة القبس رسمت حدود المشكلة الإسكانية نحن في أزمة.. ومخاوف من تحولها إلى كارثة .. مؤتمر الكويت للإسكان.. فلسفة جديدة وخريطة طريق

اعداد محمد المصلح وحمد الخلف
في إطار التحضيرات لعقد مؤتمر الكويت للإسكان تحت عنوان «الإسكان.. بين تداعيات أزمة والحاجة لصياغة فلسفة جديدة»، والذي يعد له اتحاد العقاريين بالتعاون مع القبس، تستمر القبس في سلسلة ملفات تشمل ندوات ومؤتمرات ولقاءات بحيث تكون قد ألمت بجميع جوانب الأزمة، تشخيصها، تداعياتها، والبحث عن آلية للحل، وذلك قبل انعقاد المؤتمر في 9 فبراير المقبل.
وفي ندوة القبس حول مسببات القضية الإسكانية تحدث وزير التجارة والصناعة الأسبق د. أماني بورسلي وعضو المجلس البلدي عبدالله الكندري وعضوا حملة وطن بالإيجار عباس الشواف وعبدالله الكندري والخبير الاقتصادي د. ناصر المصري، حيث وضعوا وفق وجهة نظرهم آليات الحل.

حدد المتحدثون في ندوة القبس الإسكانية أبعاد المشكلة ووصولها إلى حد الأزمة، حيث فجر عضو المجلس البلدي عبدالله الكندري مفاجأة من العيار الثقيل، قائلا إن مجموع الأراضي التي وفرتها الدولة للمواطنين والمقيمين تصل إلى 810 كيلو مترات مربعة، يقابلها 656 مجموع مساحة الأراضي المقدمة للمزارع و«الجواخير».
وتابع الكندري سلسلة المفاجآت، حيث أكد ان الدولة لا تستطيع بأفضل حالتها توفير أكثر من 3 منازل يوميا لكل 23 طلبا يقدم يوميا، مشيرا إلى إن مجموع الإنفاق الحكومي على بدل الإيجار خلال الـ 22 سنة يكفي لبناء 25 ألف وحدة سكنية بمساحة 400 متر للأرض، كما إن تكلفة بدل الإيجار للمنتفعين منذ عام 1992 وحتى عام 2013 وصلت إلى مليار و428 مليون دينار.
ومن جانبها طالبت وزيرة التجارة والصناعة السابقة د. أماني بو رسلي بعدم سكن المواطن بالإيجار، لاسيما ان الإيجار هو مخصص لمن يقيم في البلاد بصورة مؤقتة، قائلة سبب المشكلة يرجع إلى سوء الإدارة والفساد، موضحة ان المبيعات خلال الربع الأول من السنة الماضية تعدت الربع مليار دينار في السكن الخاص.
فيما رأى عضوا حملة وطن بالإيجار عبدالله الكندري وعباس الشواف إن الحكومة هي من افتعلت المشكلة الإسكانية، لتصل إلى حد الكارثة بسبب افتقار الحكومة لوجود إستراتيجية فاعلة، مطالبان بحماية المساكن الحالية من ارتفاع الأسعار، بينما كشف الخبير الاقتصادي ناصر المصري إن الشاب الكويتي يدفع %60 من راتبه على الإيجارات المرتفعة، وفيما يلي التفاصيل:

من وراء الأزمة الإسكانية؟ ولماذا وصلت إلى هذا الحد؟
- الكندري: في البداية دعنا نفسرها، هل هي أزمة أم كارثة، فهناك دائما 5 قياسات في المشكلة تبدأ بالحالة، ثم الظاهرة ثم المشكلة ثم الأزمة ثم تنتقل إلى مرحلة الكارثة، لذلك يجب أن نحدد أمامنا قياسات المشكلة حتى نصل إلى الحل المناسب.
وإذا كان عدد السكان المواطنين في 2013 وفق إحصائية هيئة المعلومات المدنية يصل إلى مليون و54 ألف مواطن كويتي، منهم 233 ألف أسرة كويتية، منهم %40 لديهم بيوت سكنية، والعدد الباقي هو خارج رحم الرعاية السكنية.
كما أن من الأمور المهمة التي يجب أن نركز عليها هي أن المساحات التي يسكنها الجميع من مواطنين وأجانب تصل إلى 810 كيلومترات مربعة، وهي تمثل %6 من مساحة البلاد، أما مساحة المزارع و«الجواخير»، فتصل إلى 563 كيلومتراً مربعاً، فضلا عن مزارع الأبقار التي تصل مساحاتها إلى 11 كيلومتر مربع، إضافة إلى مساحة الـ82 كيلومترا التي تم إقرارها من قبل المجلس البلدي لتوسعة تلك المزارع، ليصل إجمالي ما ذكرته إلى 656 كيلومترا مربعا، وهي إحصائيات ترجع لبلدية الكويت.
ولعلي أذكر جزئية مهمة جدا، وهي أن الإنفاق الحكومي على بدل الإيجار خلال 22 سنة يكفي لبناء 25 ألف وحدة سكنية بمساحة 400 متر للأرض، كما أن تكلفة بدل الإيجار للمنتفعين منذ عام 1992، وحتى عام 2013 وصلت إلى مليار و428 مليون دينار.
لذلك فعندما تتحدث عن المشكلة الإسكانية، فإن بعض المسؤولين يوضحون أنها مشكلة بسيطة، ولماذا نخوض فيها، لاسيما إذا ما استذكرنا تصريح وزير الإسكان عام 1983، عندما قال ستكون لدينا مدينة الصبية عام 1987.
وأتصور أننا حتى الآن لم نصل إلى حد الكارثة، ومازالت القضية الإسكانية في مرحلة الأزمة، ولكن بعد 10 سنوات سوف يتضاعف عدد منتظري الرعاية السكنية، فهل نحن واجهنا الأزمة بشكل حقيقي أم مجرد شعارات.

طلبات
- الكندري (وطن بالإيجار):
نلاحظ أن الأزمة الإسكانية بالأرقام تتزايد سنويا، فالطلبات الإسكانية تصل إلى 8 آلاف طلب سنويا، في المقابل، فإن المؤسسة توفر من ألف إلى ألفي وحدة سكنية سنويا، لذلك فإن الفرق بين العرض والطلب هو السبب الحقيقي وراء الأزمة، في ظل أن الحكومة لا تلتزم بتطبيق القوانين، حيث إن المادة الرابعة من قانون الإسكان تلزم المؤسسة بتوفير العدد المناسب من الوحدات السكنية، وكذلك المادة رقم 17 من القانون التي تنص أن مقدم الطلب ينتظر فترة لا تتجاوز 5 سنوات.
لذلك نجد بأن الحكومة هي من افتعلت المشكلة، خاصة وإن كل الإمكانات موجودة لديها سواء المادية أو توافر الأراضي، ولكنها لا تريد حلها فعليا.
ففي السابق كنا نسمع أن فلاناً اشترى بيتاً في إحدى المناطق، أما الآن فأصبحت المنازل بأسعار غالية، ففي منطقة القرين يصل سعر المنزل إلى 300 ألف دينار، لاسيما وإن البنوك تقرض في الحد الأعلى 70 ألف فقط، لذلك لا يستطيع المواطن شراء أي منزل في الوضع الحالي.

كارثة
- الشواف (وطن بالإيجار): أجد أن المشكلة الإسكانية وصلت إلى حد الكارثة نتيجة افتقار الحكومة لاستراتيجية واضحة، لذلك نجد أن الحلول الحكومية هي مجرد حلول ترقيعية مؤقتة.
فنحن أمام رقم كبير من مستحقي الرعاية السكنية، كما أن متوسط سعر العقار يصل إلى مليون دولار، في حين أن متوسط الرواتب يصل إلى ألف دينار، وهو ما يؤكد وصول المشكلة إلى حد الكارثة، فاليوم حقوق الإنسان أقرت حق الإنسان في السكن اللائق، وهي تحث بإحدى بنودها الحكومات بحماية السكن من المضاربات، كما أن الأمم المتحدة تعتقد بأن السكن من الأمور التي يجب دعمها، لذلك يجب على الحكومة أن تحمي المساكن الحالية من ارتفاع الأسعار، فهناك بعض الدول تمنع الفرد من أن يتملك أكثر من منزل، فضلا عن منع المتاجرة بالمساكن الخاصة.
وللأسف فإن بعض التجار اليوم يضمنون الربح في السكن الخاص، لأنهم يعلمون بوجود أزمة السكن، كما أن المسؤولين يخرجون في وسائل الإعلام يشتكون للمواطن بأن الحل ليس بيدهم، وهو ما يزيد الطين بلة.

فساد
- بورسلي: يرجع سبب المشكلة الإسكانية إلى سوء الإدارة، والفساد، فهناك شريحة كبيرة مستفيدة من الوضع الحالي، لاسيما ان المبيعات خلال الربع الأول من السنة الماضية قد تعدت ربع مليار دينار في السكن الخاص.
والقضية اليوم هي مسألة عرض وطلب، فعندما يقل العرض يزيد السعر، ولو رأينا قانون الرعاية السكنية، فالدولة على مدى السنوات السابقة اصدرت 18 قانونا وتعديلا على قوانين الرعاية السكنية، في حين ان دولة الامارات لديها قانون واحد يخص الرعاية السكنية وعلى الرغم من كثرة القوانين فإن المشكلة تزداد في النمو.
وللأسف نحن في الكويت هناك عدد كبير من الجهات الحكومية معنية بالملف الإسكاني والعقاري، لاسيما ان الملف العقاري هو الملف الأكبر الذي يدخل ضمنه السكن الخاص، وارى شخصيا انه في دولة تتمتع بمستوى دخل عال وفق المقاييس العالمية يجب الا يسكن المواطن فيها بالإيجار ويتوجب أن يدفع المواطن الإيجار حتى يتملك وليس مجرد إيجار دون أي عائد.
كما يجب أن تكون للدولة رؤية وهدف بأن لا يسكن الشاب الكويتي بالإيجار كما هو متبع في بعض الدول الأوروبية، فالإيجار مخصص لمن يقيم في البلد بشكل مؤقت، كما ان الحكومة لدينا لم تضع حلاً لمشكلة احتكار الأراضي، ويجب أن تكون هناك آلية لحل مشكلة الفساد الموجودة والمرتبطة بهذا الملف، والتي أسفر تدخل أصحاب المصالح فيها إلى تفاقم المشكلة وتشعبها.
وعن النظر إلى المؤسسة العامة للرعاية السكنية، نجد ان من يضع الرؤية الشاملة للهيئة هو المجلس الأعلى للرعاية السكنية والمكون من 6 أشخاص لديهم مناصب في مواقع أخرى، والتي أرى يستحيل أن يستطيع هؤلاء أو أن يتفرغوا لوضع إستراتيجية حقيقية أو يتفرغوا بشكل كامل للقضية الإسكانية، لذلك يجب أن تكون هناك استقلالية للجهاز الإسكاني حتى تكون هناك حرية في اتخاذ القرارات بعيدا عن المصالح.
كما يفترض أن تضع الدولة استراتيجيات وفق القانون، فهناك مشكلة كبيرة أيضا في مسألة نوعية التصاميم للمساكن الخاصة، فنحن لا نرى إبداعا في مسألة البناء، وهناك غياب للمعايير الدولية.

احتكار
- المصري: دعني أقول في البداية إن عدو هذه المشكلة هو من الداخل، فالحكومة وبنك التسليف والمؤسسة العامة للرعاية السكنية، هي العدو التي نعتقد أنها الصديق الذي يريد حل مشكلتنا، فجميع الحكومات السابقة تعلم أن هناك مشكلة إسكانية، ولكنها كانت تتعمد احتكار الأراضي لتفيد البعض.
ولو أعطتنا الدولة مثل المساحة الحالية المقدرة بـ 6 % سوف تحل المشكلة، فاليوم الشباب ليست لديهم القدرة على شراء بيوت في المناطق السكنية حتى مع القروض التي تمنحها الدولة، لذلك فالأموال والأراضي موجودة، ولكن أين متخذ القرار الذي يملك الرغبة في حل المشكلة؟ وهو ما يؤكد ان الحكومة هي من تصطنع المشاكل.
فاليوم الشباب يدفع أكثر من %60 من راتبه الشهري على الإيجار، والحكومة تعلم أن الـ 150 دينارا لا تحل مشكلة الإيجار، لذلك فان مجموع بدل الإيجار الذي تدفعه الحكومة يصل إلى 4 مليارات دينار، بينما الإيجار الحقيقي الذي يدفعه المواطن من معاشة إضافة إلى بدل الإيجار يصل إلى 13 مليار دينار وهو رقم كبير جدا.

خيوط اللعبة
إذن على من يقع اللوم وراء تفاقم الأزمة الإسكانية هل الحكومة أم المجلس؟
- الكندري: للأسف اعتدنا أن نلقي باللوم على الآخرين، لكني أؤكد ان خيوط اللعبة في يد الحكومة، كما ان الكفاءة والجدية المرتبطة بالملف الإسكاني غائبة، فمنذ عام 1954 وحتى اليوم استطاعت الدولة توفير 91 ألف وحدة سكنية فقط، في حين ان عدد الطلبات المقدمة للرعاية السكنية تلامس 110 الاف طلب، لذلك لو أردنا توفير البيوت في ظل السياسات القادمة يلزمنا 60 عاما قادمة لتلبية الاحتياجات الحالية.
ففي البداية كنا نعتقد أن البترول والدفاع والبلدية هي أساس المشكلة، ولكن بعد توفير البلدية للأراضي وتخصيصها للإسكان، أصبحت الأراضي في يد الحكومة.
ودعني أذكر لكم دراسة قمت بعملها، أخيراً، تبين حقيقة المشكلة، وهي أن مجموع الطلبات الإسكانية منذ عام 2006 ولغاية 2011 وصلت إلى 42 ألف طلب إسكاني، في حين أن الفاجعة والمصيبة أن عدد المواطنين الذين تسلموا الأرض أو البيت الحكومي يصلون إلى 6 آلاف مواطن ليصل الفارق إلى 36 ألف إسكاني، ولو قسّمنا مجموع ما تم إعطاؤه للمواطنين من منازل وبيوت خلال 5 سنوات بحسبة رياضية بسيطة، فإنه يتضح لدينا أن عدد الطلبات الإسكانية التي تقدم يومياً تصل إلى 23 طلباً، يقابلها توفير 3 مساكن يومياً من قبل الحكومة فقط وهي في أفضل قدراتها.
إذاً، المحصلة هناك أزمة حقيقية والجميع للأسف يطأطئ رأسه.
- الكندري (وطن بالإيجار): بخصوص الأراضي فقد تم توفيرها وتسلميها للرعاية السكنية، والمخطط الهيكلي للدولة يبين أن هناك أرضاً تكفي لـ170 ألف وحدة سكنية تم تسلميها للإسكان، وهذا يعني أنها تغطي الطلبات المقدّمة وتزيد على الحاجة، والحمد لله نحن في بلد غني، وفوائضه المالية كبيرة ونستطيع من خلالها بناء البنية التحتية.
ولو أتينا إلى موضوع القطاع الخاص، فلدينا قانون رقم 50 لسنة 2010 الذي يشير إلى تأسيس شركات مساهمة، فالقطاع الخاص له قدرة في سرعة الإنجاز، ولكن للأسف حتى اليوم لم يتم تأسيس حتى شركة واحدة، في ظل غياب المحاسبة عن الجهات المسؤولة.
كما أن المسؤولين لدينا لا يعرفون سوى تشكيل اللجان وليس هناك أي جهد حقيقي، فالإرادة والرغبة غير موجودتين، ويجب أن يكون هناك حساب وعقاب وتقدير للوقت.


أمن اجتماعي
- الشواف (وطن بالإيجار): اليوم المواطن الكويتي أصبح مستأجراً برتبة مواطن، وهذا الإحساس أصبح لدى جميع الشباب المحبط من ذلك الواقع بشكل كبير، وهو أمر يؤثر على الأمن الاجتماعي، لأن الجميع في قلبه غصة من مسألة توفير السكن.
لذلك، نحن نرفض أي حل في ما يتعلق ببناء الشقق، لا سيما أن جميع الحلول هي في درج الوزير، فمشكلة الإسكان تكشف الواقع المرير للوضع السياسي في الكويت، علماً أن الحكومة لو أرادت حل المشكلة، فإننا نجد أن جزيرة بوبيان وحدها تحتوي على 70 ألف وحدة سكنية كفيلة بانتهاء معاناة المواطنين.

دعوى قضائية
ولماذا لجأتم إلى رفع دعاوى قضية على رئيس الحكومة والوزير المختص؟
- الشواف: نحن نرى أن رئيس الحكومة اليوم هو الملام في قضية الإسكان، لأن الأجهزة الحكومية جميعها مقصرة. لذلك، رفعنا القضية من خلال القضاء، فوزارة الأشغال تعطل المشاريع والشؤون تمنع دخول العمالة الخاصة بالشركات التي تعمل في بناء المشاريع، والجهات الحكومية اليوم لا تتواصل مع بعضها البعض، وكل منها يغرد خارج السرب ويعمل منفرداً، لذلك أصبح قدر السلطة القضائية أن تحل مشاكلنا لأن الجميع يتقدم للقضاء في مواجهة الحكومة ومشاكلها المتعمدة.
وأؤكد لـ القبس أننا سنقوم، خلال الأيام المقبلة، برفع قضية أخرى ضد الحكومة، وهي المطالبة بالتعويض على تأخير توفير المساكن، لأن القانون يجبر الدولة على توفير الرعاية السكنية في مدة لا تتجاوز 5 سنوات، ونطالب بالتزام الحكومة بتوفير السكن والتعويض المادي عن التأخير.

 

مصدر الأخبار القبس

أكبر ارشيف عقاري