بينما أقر مجلس الأمة المداولة الأولى للاقتراح بقانون بشأن تأسيس شركات إنشاء المدن السكنية وتنميتها اقتصادياً على الأراضي المملوكة للدولة، أكد عدد من المختصين في الشأن الإسكاني أن القانون يصعب تطبيقه وبحاجة إلى تعديلات جوهرية، ولا سيما في ظل غياب الجدوى الاقتصادية أمام المستثمرين.
وقال هؤلاء المختصون لـ القبس إن قانون الإسكان الحالي يمكن الجهات المعنية من إنجاز المشاريع السكنية إن كانت هناك رغبة حقيقية في الإنجاز، حيث يمكن للمؤسسة العامة للرعاية السكنية تحفيز القطاع الخاص والدخول في المشاريع الإسكانية من دون اللجوء إلى تأسيس الشركات، التي تتطلب ميزانيات مالية ضخمة يصعب توفيرها في ظل الظروف المالية الراهنة من عدم مقدرة الجهات الحكومية على توفير التمويل الكافي لتمويل القسائم السكنية.
ويؤكد النائب السابق وزير الإسكان الأسبق بدر الحميدي لـ القبس أن تأسيس الشركات لبناء المدن السكنية لن يخدم القضية الإسكانية، لا سيما أن تأسيسها يحتاج إلى رأسمال كبير جداً في ظل وجود ضعف القدرة المالية على التمويل، موضحاً أن القوانين الحالية الصادرة بشأن الرعاية السكنية تدعم نشاط القطاع الخاص في تعمير الأراضي الفضاء المملوكة للدولة لأغراض الرعاية السكنية.
الشركات العالمية
وبحسب الحميدي، فإن قانون الرعاية السكنية الحالي نص على أحقية المؤسسة في التعاقد المباشر مع الشركات المتخصصة، تأكيداً لمبادرات تنفيذ المشاريع من خلال القطاع الخاص أو مشاركته، عملاً على رفع كامل النفقات عن المؤسسة، من خلال الاستعانة بتجارب الدول الأخرى في مجال الإسكان، والاستفادة من خبرات الشركات العالمية في هذا المجال.
وقال إن الدولة بإمكانها اللجوء إلى طرح المشاريع الإسكانية كمشروع «الصابرية» على سبيل المثال على الشركات المتخصصة المدرجة أسهمها في سوق الكويت للأوراق المالية وغيرها وفقاً للأحكام المحددة لها، ليجري تنفيذها بنظام B.O.T.
وبيّن الحميدي أن تنفيذ هذه الخطوة سيسهم في تغطية تكاليف إنشاء المشروع كاملة من جانب الشركات المستثمرة، من خلال تحصيلها العائد المادي لاستغلال واستثمار القسائم التجارية والاستثمارية والخدمية، وغيرها من المرافق التي يجري استثمارها من دون تحميل الخزانة العامة أي تكاليف في هذا الشأن، ويجري تسليم القسائم السكنية إلى المؤسسة العامة للرعاية السكنية ليتم توزيعها على المستحقين لها.
وختم الحميدي بأنه لا حلول للقضية الإسكانية إلا بإشراك القطاع الخاص وفق نظام B.O.T، حيث يمكن للشركات مجتمعة اختيار مقاولين عالميين وفق أعلى المعايير بعيداً عن البيروقراطية الحكومية.
تطوير الأراضي
من جانبه، أفاد المتخصص في إدارة وتطوير العقارات محمد النوري بأن الكويت هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك الأراضي وتصمم وتبني وتبيع الوحدات السكنية للمواطنين، ولا يوجد دور للقطاع الخاص والمطورين العقاريين في تطوير الأراضي المخصصة للسكن الخاص.
وأشار النوري إلى أن اللجنة الإسكانية لم تأخذ برأي المتخصصين في التطوير العمراني والخبراء، وبالتالي خرج لنا قانون به العديد من المثالب وغير قابل للتطبيق.
وبيّن أن القانون يتطلب وجود بيئة تشريعية متكاملة قبل صدوره، ومنها إنشاء هيئة للأراضي والسوق بهدف تنظيم العقارات والأراضي، فضلاً عن سن قانون لتعمير الأراضي الفضاء أو بيعها، وإقرار قانون الضريبة على بيع وشراء المنازل حتى يتم منع المضاربة، إضافة إلى وضع قانون اتحاد الملاك العقاريين لتطوير آليات بناء السكن الخاص، وأخيراً وضع قانون للرهن العقاري.
وذكر ان من أبرز المثالب عدم تقبل المستثمرين الدخول في شركات مساهمة عامة مسؤوليتها تطوير السكن بمساحة لا تقل عن 400 متر مربع، الامر الذي سيحد من دورهم في تحقيق جدوى اقتصادية من المشروع.
وبين أن القانون يصعب تطبيقه، حيث يتطلب من المشرعين معرفة المخطط الهيكلي والضغط على المجلس البلدي لتسليم الأراضي المخصصة للسكن الخاص.
وأكد ان إسناد تطوير العقارات لمطور عقاري لا يحتاج الى قانون تأسيس الشركات لبناء المدن، لان القانون الحالي يجيز للرعاية السكنية اسناد تطوير الوحدات السكنية، داعياً الى اتاحة الفرصة للمطورين العقاريين للبناء بمساحات تقل عن 400 متر مربع بحسب حاجة المواطن نظراً لان تكلفة البناء عالية.
يحقق الرغبات
بدوره، قال رئيس لجنة أهالي مدينة المطلاع خالد العنزي، ان قانون تأسيس الشركات سيكون له الأثر البالغ في تسريع وتيرة إسكان المستحقين، ولكن بشرط ان يتوافق مع رغبات أصحاب الرعاية السكنية وقدرة الجهات الحكومية على تنفيذه على ارض الواقع.
وأضاف العنزي ان القوانين الصادرة في هذا الشأن كثيرة، لاسيما فيما يضمن حق السكن خلال مدة 5 سنوات من تاريخ قيد الطلب، ولكن عند النظر الى الواقع نجد ان الجهات المختصة فشلت في تحقيق هذا المطلب وتوفير السكن.
وأشار الى انه من حيث المبدأ، فإن قانون تأسيس الشركات سيسهم في إشراك القطاع الخاص للمساهمة في إنشاء المدن السكنية، لكن في الوقت نفسه بعض الجهات الحكومية اكدت ان القانون يحتوي على عوامل عدة تقلل من الجدوى الاقتصادية وتزيد من المخاطرة على المستثمر الاستراتيجي، لذلك يجب معالجة ذلك الامر لكي ينجح القانون ويلبي هدفه.
واكد العنزي ان القانون يجب ان يتضمن آليات التنفيذ في تمويل القروض العقارية بعد بناء المدن، لاسيما في ظل ما يعانيه الكثير من أهالي المطلاع من عدم تمويل بناء قسائمهم بسبب الظروف المالية الراهنة، وما صاحب ذلك من تأخير في بناء القسائم.
وبين العنزي انه على الرغم من تأكيد القانون ان الشركات العقارية هي المسؤولة عن تنفيذ المدن الاسكانية، ولكن في الوقت نفسه يجب الا تترك هذه المهمة منفردة للشركات، بل يجب ان تسهم كل من وزارة الاشغال والسكنية في متابعة وتنفيذ هذه المشاريع الاسكانية.
وبين العنزي انه في حال معالجة هذه المثالب سيسهم هذا المشروع في رسم الحلول الحقيقية للقضية الاسكانية الآخذة في التزايد السنوي، وبالتالي لابد من وضع آلية مستدامة للتنفيذ تساعد الجهات الحكومية في تقديم الرعاية السكنية عبر إنشاء المدن.
وختم العنزي بأن الآلة الإعلامية لدى الجهات الحكومية ضعيفة ويتطلب أن يكون هناك ترغيب للمواطنين بأنماط السكن كلٌ حسب احتياجه، نظراً لان الكثيرين لديهم تصور بأن بناء القسائم من قبل القطاع الخاص لا يكون متوافقاً مع رغباتهم.
متطلبات تشريعية قبل القانون
• إنشاء هيئة متخصصة للأراضي
• سن قانون لتعمير الأراضي الفضاء أو بيعها
• إقرار قانون الضريبة على بيع وشراء المنازل لمنع المضاربة
• وضع قانون اتحاد الملاك العقاريين
• تشريع قانون للرهن العقاري
متطلبات ضروية قبل التنفيذ
01 توافر جدوى اقتصادية للمستثمرين في القطاع الخاص
02 متابعة آليات التنفيذ على أرض الواقع
03 معرفة طرق التمويل العقارية بما يضمن ديمومتها
04 وضع آلية لتملك الأراضي الفضاء دون استعمالها
05 إشراك القطاع الخاص ضمن مشاريع B.O.T دون استخدام المال العام