تتداول العديد من حسابات التواصل الاجتماعي بين حين وآخر إتمام صفقات مختلفة في القطاع السكني بمبالغ قياسية تفوق الأسعار السوقية، في شتى مناطق البلاد، في وقت تثير تلك الصفقات، التي قد يتم تسجيلها في وزارة العدل، العديد من الشكوك وعلامات الاستفهام. ومؤخراً، تم في إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل تسجيل صفقة بيع عقار سكني مساحته 400 متر مربع واقع في منطقة جنوب عبدالله المبارك بسعر 943.939 ألف دينار، أي بلغ سعر المتر 2359 ديناراً، علماً أن الأسعار في هذه المنطقة تتراوح بين 530 و630 ألفاً، أي إن سعر المتر يتراوح بين 1325 و1575 ديناراً، بحسب مواصفات وموقع العقار. ويشير عدد من وسطاء العقار إلى أن تلك الصفقة عليها العديد من علامات الاستفهام وتحتاج إلى حوكمة من الجهات المعنية، فسعرها يفوق الأسعار السوقية المتداولة بشكل كبير، إضافة إلى أنه تم تسجيلها بكسور المبالغ، فيما العرف ببيع العقارات يجري من خلال تسجيلها دون كسور. ولا شك أن تسجيل مثل تلك الصفقات، يسبب ربكة كبيرة في السوق، وخصوصاً لعقارات المناطق التي تتم فيها العملية، إذ يجب على الجهات المعنية التأكد من صحتها أو تعديل المبالغ في حال تم تسجيلها عن طريق الخطأ. وتفتقر البيانات التي تنشرها وزارة العدل إلى التفاصيل الكافية، اذ يتم نشر تفاصيل قليلة مثل تاريخ البيع ومساحة القسيمة والمنطقة والقطعة، دون التطرق إلى تفاصيل أخرى مثل مواصفات المبنى وموقعه وجودة تشطيباته، وعوائده السنوية وغيرها الكثير. ويتساءل العديد: هل توجد إجراءات للتأكد من صحة الصفقات المبرمة، وهل هي صورية أم حقيقية، قبل أن يتم تسجيلها في وزارة العدل، إضافة إلى أن تكون هناك إفصاحات عن الصفقات التي تتم وخصوصاً التي تبرم بأسعار تختلف عن الأسعار السوقية سواء بالارتفاع أو بالانخفاض. وكانت وزارة التجارة والصناعة أكدت سابقاً بمناسبة إطلاق الدفتر الإلكتروني، أن هناك بيعات وهمية في القطاع العقاري، مشيرة إلى أن الدفتر الإلكتروني سيعكس الأسعار الحقيقية من غير تضخّم البيع الوهمي، وسيساهم في القضاء عليها. ويؤكد البعض أن معظم الصفقات الوهمية تتم على القطاع السكني، إذ يمارس البعض الشائعات وتنفيذ الصفقات الوهمية في إيهام المواطنين بأن الأسعار في ارتفاع، وذلك كان له الأثر الكبير في ارتفاع الأسعار خلال السنوات الماضية. ويحتم على «التجارة» بعد تأكيدها بأن هناك بيعات وهمية تضخم أسعار العقارات، وعلى الجهات المعنية اتخاذ إجراءات عديدة لمحاربة ومعالجة وسد تلك الثغرة التي يستغلها البعض في إيهام المواطنين والمستثمرين بأن الأسعار مرتفعة أو في ارتفاع مستمر.
ويعتبر إطلاق دفتر الوسيط الإلكتروني لإظهار القيمة الحقيقية للعقارات خطوة جيدة، لكنها غير كافية، وقد يستمر البعض في ممارسة تلك الحيلة للإيهام بأن الأسعار مرتفعة، إذ يحتاج الأمر إلى عدة خطوات لإظهار القيمة الحقيقية للعقارات. من بين الخطوات التي يجب اتخاذها لمحاربة البيعات الوهمية أو إظهار القيمة الحقيقية للعقارات هي رفع رسوم التسجيل العقاري، وخصوصاً على العقارات السكنية، اذ تعتبر الكويت من أقل الدول المنطقة في رسوم التسجيل العقاري والتي تبلغ 0.5% من قيمة العقارات المبيع. وزارة التجارة أكدت مع إطلاق الدفتر الإلكتروني أن هناك بيعات وهمية في القطاع العقاري وتبلغ رسوم التسجيل العقاري مثلاً في المملكة العربية السعودية 2 في المئة، من قيمة العقار، فيما ترتفع في دبي لتصل إلى 4 في المئة، يتم مناصفتها بين البائع والمشتري. ولرفع رسوم التسجيل إيجابيات عديدة على القطاع العقاري بشكل عام وعلى «السكني» بشكل خاص، إذ من شأنه منع المضاربات العقارية، والمتاجرة في السكن الخاص، مما سيظهر القيمة الحقيقية للعقارات. وأيضاً من بين الخطوات لإلغاء الوكالة العقارية، إذ كانت سبباً من أسباب ارتفاع أسعار العقارات السكنية خلال السنوات الماضية، لسرعة إنجاز المعاملة وانخفاض رسومها والتي كانت تبلغ 500 دينار فقط عن العقارات البالغ سعرها 100 ألف وما فوق، و250 ديناراً للعقارات الأقل من ذلك، لكن تم رفعها في الربع الأول من العام الماضي الى 0.5 في المئة من سعر العقار. لكن بالرغم من رفع رسوم الوكالة العقارية لكنها لا تزال تتميز بالسرعة في تنفيذ الصفقة العقارية، ولا تتطلب إحضار شهادة أوصاف، وهذا يفتح المجال لتداول العقارات المخالفة. كما يجب وضع آلية تساعد في سرعة إنجاز إتمام الصفقات العقارية، إذ تصل في الكويت إلى فترة شهرين، أما في دبي على سبيل المثال فلا تتجاوز 3 أيام عمل، وجميع الصفقات التي يتم إعلانها في وزارة العدل بشكل أسبوعي أو شهري، هي تم الاتفاق عليها منذ فترة، أي أنها لا تعكس قيمة العقارات في الوقت الحالي. إضافة إلى تلك الخطوات، يجب فرض رسوم تصاعدية على من يتاجر في السكن الخاص، فهذا يساعد على إظهار القيمة الحقيقية للعقار، وأيضاً تحد من دخول التجار في العقار السكني، بالإضافة إلى فرض رسوم ارتفاع قيمة العقار، وهي الضريبة التي تفرضها الدولة على العقارات المستخدمة للمضاربة. وبالرغم من ضخامة القطاع العقاري في الكويت لكنه يفتقد إلى التنظيم وإلى جهة واحدة مسؤولة عنه، فهناك أكثر من جهة يرتبط القطاع بها، وهذا يشكل عائقاً كبيراً أمام تطويره، إذ لابد من إنشاء هيئة أو أن تكون هناك جهة تكون مسؤولة عن القطاع وتصدر القرارات التنظيمية وفق المتغيرات.
مصدر الأخبار https://www.aljarida.com/article/42894