محمد عواضة -
يشهد القطاع العقاري بين الحين والآخر تغيراً في توجهات المستثمرين، وذلك وفق المؤشرات الاقتصادية والظروف السياسية وما ينتج عنهما من قرارات قد تؤثر سلباً أو إيجاباً في سير نشاط السوق، فيما لا شك أن القطاع الاستثماري تحديداً كان الأكثر تضرراً خلال السنوات الماضية بسبب تداعيات الجائحة، لتستمر معاناته مع الارتفاعات الأخيرة في أسعار الفائدة، بالتزامن مع توجه السلطات نحو معالجة الاختلالات في التركيبة السكانية، وصدور قرارات مشددة على فئة الوافدين المشغل الرئيسي لهذا القطاع، ولكن الأخبار المتداولة باستئناف إصدار تأشيرات «الالتحاق بعائل» للوافدين خلال الفترة المقبلة، أعطت جرعة أمل بين ملاك العقارات الاستثمارية بانتعاش القطاع والعودة إلى سابق عهده ما قبل الجائحة.
تنشيط القطاع
أوساط عقارية توقعت أن يشكل قرار إعادة فتح «الالتحاق بعائل» انفراجه لسوق العقار الاستثماري (الشقق)، بعد أن شهد تراجعاً في نسب الإشغال عن معدلاتها السابقة، حيث من المتوقع أن تسجل في 2023 بكامله نحو %85.5 تراجعاً من %89 ما قبل الجائحة.
وأفادت بأن الوحدات الشاغرة في قطاع السكن الاستثماري بلغت ما يقارب 59 ألف وحدة، مقارنة بـ46 ألفا في عام 2019، متوقعة أن تتحسن معدلات الاشغال تدريجياً في حال فتح فيز الالتحاق بعائل للوافدين.
انعكاس إيجابي
أجمعت الأوساط العقارية أن خطوة السلطات باستئناف التأشيرات، ستنعكس إيجاباً على السوق العقاري، وعلى أسعار الإيجارات التي تشكل إيرادات استثمارية لكثير من المواطنين، الذين واجهوا أزمات غير اعتيادية بسبب تراجع الطلب وتراكم الإيجارات على المستأجرين خلال فترة الجائحة.
وأكدت أن نشاط القطاع الاستثماري يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوافدين، فكلما كانت القرارات أقل تشدداً على جلب عائلاتهم من أوطانهم انتعش القطاع والعكس صحيح، مشيرة إلى أنه في حال تقليل أعداد الوافدين وعائلاتهم يجب أن يقابل ذلك دعم جدي من قبل السلطات للقطاع الاستثماري.
زيادة المعروض
في المقابل، رأى عدد من العقاريين أن إيقاف الالتحاق بعائل للوافدين ليس السبب الوحيد الذي أدى إلى تراجع أشغال قطاع الشقق، إنما هناك عوامل أخرى ساهمت بشكل مباشر في كثرة الشواغر، منها زيادة أنشطة البناء الاستثماري في العديد من مناطق الكويت مثل المهبولة وصباح السالم والمنقف وغيرها، إلى جانب ارتفاع نسب التأجير في مناطق السكن الخاص وهو ما أدى إلى زيادة المعروض مقابل تراجع الطلب في العقار الاستثماري.
وقالوا إن انتشار ظاهرة التأجير في المناطق النموذجية، تعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار الأراضي والبناء، حيث إن العوائد المحققة من التأجير قد تكون الحل الأنسب للمواطن لتعويض الكلفة المبالغ فيها في الأسعار.
تملُّك الأجانب
فيما اعتبر بعض العقاريين أن السماح للأجانب بتملك الشقق السكنية بالكويت سينعش قطاع العقار المتراجع حالياً وسوق الشقق الاستثمارية ويخفف الضغط على السكن الخاص المؤجر للوافدين، والذي سيؤدي بدوره إلى انعاش قطاع البناء والتشييد وسوق مواد البناء وبعض الصناعات الوطنية ذات الصلة بالعقار وتنشيط الحركة الاقتصادية عموماً، يرى آخرون أن تمكين الأجانب من تملك الوحدات السكنية من دون تحرير الأراضي سيزاحم الكويتيين الذين يبحثون عن سكن لهم في ظل الأزمة الاسكانية التي تعاني منها البلاد وسترفع أيضاً من أسعار العقارات الاستثمارية، ما قد يؤدي ذلك إلى عدم قدرة المواطن ذي الدخل المحدود على شراء شقة.
تداعيات مختلفة
استبعد خبير عقاري أن يكون ركود القطاع الاستثماري سببه «الوحيد» انخفاض أعداد العائلات الوافدة، مشيراً إلى أن ارتفاعات أسعار الفائدة لكبح التضخم وارتفاع قيم الأراضي، والوضع الاقتصادي عموماً كانت لها انعكاسات أكبر على القطاع، فيما يبقى مدى حجم التأثير في العمارات مرتبطاً بشكل مباشر بنسب الإشغال ومعدل العوائد.
ولفت إلى أن سوق العقار المحلي يلعب دوراً بارزاً في الاقتصاد الوطني، لذلك لا بد من تعزيز سياسة التحوط وحماية القطاع من تداعيات التضخم والزيادات الجديدة في أسعار الفائدة، متوقعاً أن يتحسن سوق العقار الاستثماري خلال المرحلة المقبلة في حال شهدت الكويت المزيد من المشاريع التنموية التي تحتاج إلى عمالة إضافية.
انخفاض إيجارات العمارات الفخمة
شهدت العقارات ذات التشطيبات التي تتمتع بجودة متوسطة ومنخفضة تحسناً في معدلات الإشغال، علماً بأن الفئتين تمثلان %95 من حجم سوق السكن الاستثماري المحلي -وفقاً لتقارير عقارية- في حين أظهرت نسب الإشغال في عقارات الدرجة الأولى استقراراً خلال السـنوات الخمس الماضية، ولكن في المقابل شهدت هذه الفئة انخـفاضاً أكثر حدة بالإيجارات مقارنة بالفئتين الأخيرتين. وهذا يدل على أن بعض العائلات قد انتقلت من العقارات ذات الدرجة المتوسطة إلى عقارات الدرجة الأولى بسبب انخفاض إيجارات الأخيرة.