تفاصيل الأخبار

صورة «شقق التمليك».. للاستثمار لا السكن
02/09/2024

«شقق التمليك».. للاستثمار لا السكن

حصة المطيري -

منذ بداية العام وحتى شهر يوليو، تم بيع 36 شقة سكنية فقط بقيمة إجمالية بلغت نحو 4.8 ملايين دينار، وجاء أغلبها في منطقة المهبولة بعدد 13 صفقة وبقيمة إجمالية 1.7 مليون دينار، و11 شقة سكنية بيعت في جابر الأحمد السكنية و11 شقة في الفروانية بقيمة 1.9 و1.05 مليون دينار على التوالي.

من اللافت على مدى السنوات الماضية أن قطاع الشقق السكنية في الكويت مازال صغيرا جدا مقارنة بأسواق الدول المجاورة، اضافة الى ان شراء الشقق السكنية محصور بمناطق محدودة مثل المهبولة وصباح السالم والفروانية، وعند الاطلاع على الأسعار نجد أن السبب الرئيسي للشراء في هذه المناطق هو انخفاض أسعارها عن بقية المناطق.

ومما لا شك فيه، هناك رغبة لدى بعض الأسر الكويتية الصغيرة للاستقرار في شقة بدلاً من الانتظار للحصول على منزل من الحكومة، لكنهم يواجهون العديد من التحديات، أبرزها ارتفاع الأسعار ونقص الخدمات المتوافرة في الشقق والمباني، بالإضافة إلى عدم توافر مساحة مناسبة للسكن.

وبذلك، حرصت القبس على أخذ آراء العقاريين المختصين لتسليط الضوء على أهمية تطوير قطاع الشقق السكنية وتوضيح التشريعات والقوانين اللازمة، والذين بدورهم اجمعوا على ان المواصفات والأحجام والمواقع للشقق المتاحة لا تتناسب بشكل كاف مع احتياجات الأسر الكويتية، وان معظم من يقوم بشرائها هم مستثمرون.

بداية، قال رئيس اتحاد العقاريين إبراهيم العوضي «يعتبر حجم سوق الشقق السكنية في الكويت صغيراً جداً مقارنةً بأسواق الدول المجاورة، فعلى مدار الفترة من 2018 إلى 2023، سُجل أعلى عدد صفقات بيع الشقق السكنية في عام 2018 بواقع 856 صفقة، أما في عام 2023، فقد انخفض عدد صفقات الشقق إلى 571 صفقة فقط، وهو رقم قليل جداً إذا ما قورن بحجم أسواق الشقق في دول المنطقة الأخرى، هذا الانخفاض الملحوظ في عدد صفقات الشقق السكنية يعكس ضعف هذا السوق في الكويت مقارنةً بالقطاع الاستثماري للشقق، حيث يشهد هذا القطاع نشاطاً أكبر من السوق السكني».

وأضاف: ذلك يعطي انطباعا للمطورين العقاريين بأن سوق الشقق غير مهم، ويرجع ذلك لعاملين، العوائد المحققة من عمليات بيع الشقق السكنية عادةً ما تكون أقل من العوائد المتحققة من تأجير هذه الشقق، والعامل الآخر عدم إقبال المواطنين على شراء الشقق السكنية.

واشار العوضي الى منطقة المهبولة، الأكثر نشاطا في مبيعات الشقق السكنية في الكويت منذ عام 2018 وحتى 2023، حيث تم إتمام 1222 صفقة، تليها منطقة صباح السالم بـ 756 صفقة خلال نفس الفترة، لتشكل المنطقتان حوالي %50 من إجمالي صفقات بيع الشقق السكنية في الكويت منذ عام 2018 وحتى الربع الأول من عام 2024 البالغة 3933 صفقة، بحسب إحصائيات السجل العقاري في وزارة العدل.

وتابع: هذه الأرقام تعطي انطباعًا بأن سوق الشقق السكنية في الكويت ليس نشطًا بما يكفي، وهناك عاملان رئيسيان يساهمان في هذا الوضع:

1. ندرة المعروض من الشقق السكنية: يبدو أن المواصفات والأحجام والمواقع للشقق المتاحة لا تتناسب بشكل كاف مع احتياجات الأسر الكويتية، وان معظم من يقوم بالشراء هم مستثمرون.

2. جاذبية العوائد الاستثمارية: وفقًا لدراسة أجراها اتحاد العقاريين، العائد الإجمالي على الاستثمار في شراء شقق واستئجارها يصل إلى %7.7، يتكون من %6.3 عائدا إيجاريا و%1.4 زيادة سنوية في قيمة الأصل.

وفي ما يتعلق بالتحديات، أوضح العوضي ان أحد أبرز التحديات التي تواجه سوق الشقق السكنية في الكويت،عدم وجود قانون ينظم عمل اتحادات ملاك الشقق، على الرغم من وجود قرار وزاري بهذا الشأن، إلا أنه لا يلزم بإنشاء أو إشهار هذه الاتحاد، لافتا الى ان غياب اتحاد ملاك منظم للعقارات المباعة بعد سنوات، سيؤدي الى مواجهة الملاك لمشاكل في صيانة المصاعد والسلالم والخدمات المشتركة، نظرًا لعدم وجود جهة تنظيمية تشرف على هذه الأمور.

وتابع: لذلك، من الأمور الأساسية التي يمكن أن تعزز حركة سوق الشقق السكنية في الكويت، إصدار قانون يلزم بإنشاء اتحادات ملاك الشقق لكل مشروع عقاري، هذا القانون سيضمن التزام المالكين الجدد بالقوانين واللوائح المنظمة لعمل هذه الاتحادات، مع فرض عقوبات على المخالفين.

وبين أن من المشاكل الأخرى، أن %99 من المشاريع التي يتم تطويرها كشقق في الكويت تكون لغرض الاستثمار، بدلاً من ان تكون عاملا رئيسيا في المساهمة بحل الازمة الاسكانية وانتظار الشباب لسنوات طويلة للحصول على منزل.

وأوضح العوضي انه لو تم تطوير مشاريع شقق سكنية مصممة لتلبية احتياجات الأسرة الكويتية، وتوفير الخدمات اللازمة في المجمعات السكنية، فقد تكون هناك فئة من الشباب مستعدة للعيش في مثل هذه الشقق، وهناك بالفعل نماذج لمشاريع شقق تتوافق مع شروط وأحكام قرض الإسكان، والتي شهدنا بعض الشباب قاموا بشرائها للسكن فيها، موضحا أن تطوير مشاريع شقق سكنية تلبي احتياجات المواطنين سيساهم في التخفيف من أزمة السكن المزمنة في الكويت.

تشريعات منظمة

من جهته، قال رئيس اتحاد وسطاء العقار عماد حيدر، إن شقق التمليك تهم شريحة واسعة من المجتمع الكويتي ولكن مع الأسف الشديد لم تعط الوقت الكافي ولم تكن من أولويات المشرّع بوضع وتعديل قوانين شقق التمليك، ومع تزايد رغبة الشباب والعائلات الصغيرة والمستثمرين لشراء الوحدات السكنية فإن وجود تشريعات منظمة لهذا القطاع أصبح مطلبا مستحقا.

وتابع: في الوضع الحالي، مشروع شقق التمليك غير جاذب للمواطن أو للمستثمر، حيث تزدحم المحاكم بقضايا النصب العقاري، والتأخير في التسليم، وعدم التزام أصحاب الشقق باتحاد الملاك، من هنا، تبرز أهمية وضع منظومة قانونية تنظم هذا القطاع الحيوي الذي عانى من الإهمال لفترة طويلة.

وأضاف حيدر: عند إلقاء نظرة سريعة على المناطق الاستثمارية المسموح ببناء شقق التمليك فيها، مثل شرق وبنيد القار والشعب البحري وحصة مبارك والسالمية والفنطاس وغيرها، نجد أن جميعها تتمتع بإطلالات بحرية رائعة، وما ينقصها فقط تطويرها وفق نظم ولوائح جديدة تلبي احتياجات المواطنين والشباب والمستثمرين، مما سيساهم في تنشيط القطاع العقاري في السوق الكويتي.

عناصر أساسية

من جانبه، قال المدير التنفيذي لمنصة بوعقار فهد المؤمن، ان الشقق السكنية في الكويت غالبًا ما تفتقر إلى بعض العناصر الأساسية، من أبرزها:

1- ثقافة العيش في شقق ضمن بنايات استثمارية ليست مألوفة لدى الأسر الكويتية.

2- فشل مشاريع الشقق السكنية السابقة، مثل شقق الصوابر، ادى إلى تكوين انطباع سلبي عن هذا النوع من المنتجات.

3- معظم المشاريع السكنية تخطط على أساس تحقيق أعلى عائد من الأرباح، بدلاً من التركيز على تحقيق أعلى عائد من الرفاهية، وذلك بسبب غلاء الأراضي الاستثمارية وغياب المناطق الواسعة التي تتيح للمطورين شراء الأراضي بأسعار معقولة لتحسين مستوى المنتج.

4- غياب قانون اتحاد الملاك في الكويت ساهم بشكل كبير في فشل هذا المنتج العقاري، حيث لا توجد إدارة تحافظ على العقار من التهالك، بالتالي نجد المشاريع المبنية بغرض الشقق السكنية أو التمليك بعد فترة قصيرة من الزمن في حالة متهالكة، خاصة أن جودة البناء كانت ضعيفة منذ البداية.

واضاف المؤمن أن هناك توجها من الأسر الصغيرة للسكن في مجمعات سكنية يتمتعون فيها بالرفاهية لكن الأسعار في مثل هذه المجمعات عالية مقارنة بالمساحات لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار احتياجات الأسرة الكويتية الكثيرة في السكن.

3 خطوات لتشجيع الأسر الكويتية على السكن في الشقق

قال العوضي: لتشجيع الأسر الكويتية على السكن في الشقق، هناك عدة خطوات يمكن اتخاذها:

أولاً: توفير البنية التحتية اللازمة في تلك المناطق السكنية، بما يضمن توافر كل الخدمات والمرافق الأساسية.

ثانيًا: ضمان توفير خدمات متكاملة في هذه المناطق، بحيث تلبي احتياجات الأسر من مرافق تعليمية، صحية، تجارية وترفيهية.

ثالثًا: تحديد أسعار الشقق بشكل مناسب وميسور للمواطنين.

الأعلى والأدنى

بين العوضي أسعار الشقق السكنية في الكويت تختلف بشكل ملحوظ من منطقة إلى أخرى:

- المنطقة الأكثر ارتفاعًا في الأسعار هي منطقة شرق، حيث يصل سعر المتر المربع إلى 1587 دينارا.

- في المقابل، أرخص منطقة هي منطقة المهبولة، حيث يبلغ سعر المتر المربع 630 دينارا.

- منطقة حصة المبارك تشهد نشاطًا كبيرًا في عمليات البيع، حيث يتراوح سعر المتر المربع فيها من 1600 دينار إلى 2300 دينار.

5 متطلبات لتنظيم شقق التمليك

أشار عماد حيدر إلى أبرز التعديلات والقوانين التي تنظم سوق شقق التمليك في الكويت، وهي:

1- ضرورة وجود اتحاد ملاك (إجباري) يضمن حقوق أصحاب الشقق ويفرض عقوبات مالية صارمة على المخالفين للقوانين، بدلاً من النظام الحالي الذي يعتمد على اتحاد ملاك (اختياري).

2- لا يحق للبائع (المالك) أن يكون هو من وضع العقد وهو أحد طرفيه.

3- لا يحق لمالك شقق التمليك أو المجمع البيع على المخطط أو تحت الإنشاء أو الوثيقة غير صادرة.

4- بما أن المستثمرين في شقق التمليك هم كويتيون فقط فلابد أن نمط البناء يتناسب مع متطلبات الأسرة الكويتية.

5- فصل المناطق أو القطع المسموح بها بناء شقق التمليك عن باقي القطع في نفس المنطقة وإعطاؤها مميزات خاصة مثل زيادة نسبة البناء وتوفير المواقف وتوفير خدمات متكاملة.

نشر ثقافة السكن في الشقق

قال المؤمن: لابد من طرح مناطق جاذبة من حيث وجود خدمات مميزة فيها، على سبيل المثال أن يتم طرح مناطق للاستثمار بنظام الـ BOT للمطورين العقاريين مثل منطقة الصبية التي تقع على البحر، مع وضع قوانين بناء تتناسب مع احتياجات الأسر الكويتية وتحقق الرفاهية بأسعار معقولة، موضحا ان هذا الامر يجذب الشباب الكويتي والأسر الصغيرة، مع الأخذ بعين الاعتبار إنشاء خدمات مميزة في هذه المنطقة.

واضاف: تحفيز التنافس ووضع قوانين صارمة هما المفتاح لنجاح مثل هذه المبادرات. وهناك العديد من الحلول التي تشجع على السكن في الشقق، ولكننا بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق وابتكار حلول فنية إبداعية.

 

أكبر ارشيف عقاري