تنشر «الجريدة» عبر 3 حلقات قراءة تحليلية للدكتور بدر العتيبي في القانون رقم 21/ 2019 بشأن التسجيل العيني... وفيما يلي الحلقة الأولى: الحوكمة بشكل عام، هي تطبيق أعلى معايير الجودة في الإدارة، وإذا قُمنا بإسقاط الحوكمة كعملية إصلاح إداري على القطاع العقاري، فإننا سنجد أنها تنطبق على محورين أساسيين، هما: حوكمة التخطيط العقاري: وهي العملية التي تنطلق من العقارات على أرض الواقع، من حيث أبعادها ومواصفاتها واتجاهاتها وطبيعتها، بهدف وضع مخططات عقارية مطابقة للواقع يمكن الرجوع إليها للاطلاع على أوصاف وحدود كل عقار بكل دقة. وحوكمة التصرفات العقارية: وهي عملية التطوير في إدارة التصرفات القانونية التي تجري على العقارات، بحيث يكون كل حق قائم أو محتمل مسجلاً على صحيفة كل عقار، بما يمنح صاحب الحق على العقار إثباتاً رسمياً للاحتجاج بحقه من جهة، وبما يحمي الغير من أي تصرفات مخفية غير مسجلة على العقارات التي لهم بها مصلحة من جهة أخرى. فإذا انطلقنا من نقطة البداية - ألا وهي حوكمة العقارات- فإننا سنصل بالتأكيد إلى مرحلة حوكمة التوثيق العقاري. حوكمة التوثيق العقاري... المهمة الإدارية / القانونية الأصعب المهمة الأساسية لأي دولة هي حفظ الأمن والحقوق والأموال العامة والخاصة، وفي هذه النقطة الجوهرية تتبوأ العقارات مرتبة الصدارة من حيث الأولوية، نظراً لكون العقارات ذات قيم مرتفعة وقدرة على الضمان، كما أن للعقارات أبعاداً جغرافية واقتصادية أخرى، تصل إلى حد حماية السيادة الوطنية على العقارات الاستراتيجية والحدودية. لذا، فإن المأمول من إدارة السجل العقاري هو الانتقال من التوثيق الشخصي العام إلى التوثيق العيني الخاص، كما يلي: 1. التوثيق العقاري الشخصي العام: وهي المرحلة التي يتم فيها إنشاء الخرائط بغرض تسجيل المحررات، فيكون المسح وتحديد العقار بشكل تفصيلي تالياً للبيع وطلب تسجيل المحرر. 2. التوثيق العقاري العيني الخاص: وهي المرحلة الأكثر أهمية وحساسية على أصحاب الحقوق العقارية، حيث يتم من خلالها إنشاء خرائط تفصيلية قبل إجراء التصرفات، ثم يتم التسجيل الرسمي للتصرفات، ابتداءً من ترخيص البناء للمالك الأول، إلى البيع والشراء للمالكين المتعاقبين، كما يتم توثيق تصرفات الرهن، والضمان، والحجز، وإشارات الدعوى العقارية، وغيرها من الحقوق التي قد يثقل بها العقار. كما قد يتم تطوير هذه المرحلة، عبر التصحيح على المخططات التنظيمية السابقة، بما يتلافى العيوب وينهي أي منازعات على أجزاء من عقارات، وكذلك عبر تحويل مناطق المخالفات إلى عقارات ذات صحائف عقارية رسمية. ويمكن استخدام التطوير العقاري كمشروع استثماري يحوِّل المناطق العشوائية أو النائية إلى مشاريع عقارية ضخمة ضمن المخطط التنظيمي المفصل. آليات التوثيق العقاري في الكويت بين التركيز على الشخص أو العقار عندما بدأ العمل على التوثيق العقاري في الكويت، كانت الدولة حديثة العهد بالعمل المساحي، ولم تتوافر المخططات اللازمة لإصدار سجِّل يتضمن مخططات تفصيلية تسمح بوجود صحيفة عقارية لكل عقار. بناءً عليه، كان الاتجاه التشريعي في تبني آلية «الشهر العقاري»، وفق المرسوم بقانون التسجيل العقاري رقم 5/ 1959، وهي آلية توثيق تعتمد على فكرة التركيز على توثيق المحررات الشخصية التي يبرمها الناس، والتي يكون العقار محلها. فقد اعتمد المشرّع في الكويت آلية تسجيل عقود البيع العقارية عبر توثيقها من موظف رسمي، بعد التأكد من هوية وأهلية كل متعاقد بحضور شاهدين (م/17 مرسوم 5/ 1959)، وفق محضر للتصديق على التوقيعات (م31)، تحت طائلة عدم انتقال الحق، في حين يتبقى الأثر القانوني للعقود العقارية غير المسجلة في حدود الالتزامات الشخصية المتبادلة (م/7)، والتي تسمح للطرفين بإقامة دعوى تثبيت شراء. وهكذا يصبح لعقد البيع العقاري صبغة رسمية، لأن العقد يتم بمعرفة موظف رسمي مختص بتسجيل التصرفات العقارية، ثم يمكن استخراج صورة طبق الأصل عن هذا التصرف كنوع من الإشهار للمعاملات.
مصدر الأخبار https://www.aljarida.com/article/2442