تفاصيل الأخبار

صورة تشريع المدن الإسكانية.. غير جدي وضعيف
03/01/2023

تشريع المدن الإسكانية.. غير جدي وضعيف

أقر مجلس الأمة قبل أيام قانون تأسيس شركات انشاء المدن السكنية وتنميتها اقتصادياً في مداولته الأولى، بموافقة 48 نائباً ورفض نائب واحد وهي د. جنان بوشهري. وبدأ الأعضاء المؤيدون في التصريحات بأن هذا القانون هو ما طال انتظاره، وسيكون من أهم حلول القضية الإسكانية. ولكن في حقيقة الأمر أن هناك تجارب سابقة مماثلة لقوانين تسمح بإنشاء شركات لمدن ومشاريع إسكانية لم تلق النجاح، وهي:

01- في عام 2007 صدر القانون رقم 45 لسنة 2007، والذي يسمح للمؤسسة العامة للرعاية السكنية بتأسيس شركة مساهمة كويتية عامة تتولى وفقا لنظام البناء والتشغيل والتحويل للدولة القيام بتصميم وتنفيذ وتشغيل وصيانة مساكن منخفضة التكاليف.

02- خلال 2010 صدر القانون رقم 50 لسنة 2010 الذي تضمن أن تلتزم «السكنية» خلال سنة من تاريخ تسليمها الأراضي اللازمة لإقامة المدن السكنية بتأسيس شركات مساهمة عامة كويتية لكل مدينة.

03- في 2012 صدر القانون رقم 27 لسنة 2012 وتمت إضافة مواد بالقانون تتضمن بأنه بناءً على دراسة الجدوى الاقتصادية لتأسيس الشركة يجوز أن تحمل الدولة كل التكلفة أو جزءا منها انشاء وإنجاز البنية الأساسية والمباني العامة ومحطات الكهرباء الرئيسية وأبراج المياه ومحطات تنقية الصرف الصحي وتكلفة وحدات الرعاية السكنية.

04- في ظل ما سبق، قامت «السكنية» بإجراء الدراسات الفنية والاقتصادية اللازمة لطرح مزايدتين علنيتين لتأسيس شركتين مساهمتين لمدينة الخيران ومدينة المطلاع، وتبين من الدراسات عدم وجود الجدوى الاقتصادية لكلا المشروعين، نظراً لضخامة رأس المال الذي سيتم إنفاقه على المشروعين مع محدودية العوائد الربحية.

05- في عام 2014 صدر القانون رقم 112 لسنة 2014 وتضمن إلغاء التزام المؤسسة بتأسيس شركات مساهمة عامة لتنفيذ مشاريع المدن السكنية.

06- خلال عام 2016 صدر القانون رقم 36 لسنة 2016، وتضمن التزام المؤسسة بتوفير البدائل الحكومية للمساكن الشعبية (البيوت المنخفضة التكاليف)، نظراً لعزوف المقاولين والمستثمرين العقاريين وغيرهم عن المشاركة في تأسيس الشركة، لعدم وجود جدوى اقتصادية أو عائد مالي مقبول للمشاركة في تأسيس الشركة.

07- في 2016 أيضا، صدر القانون رقم 36 لسنة 2016 تضمن أن للمؤسسة الحق أن تؤسس بمفردها أو تشارك في تأسيس شركات تتصل بأغراضها أو تساعد على تحقيقها أو تساهم في رأسمالها. ويجوز أن يقتصر نصيب «السكنية» في الشركات على حصة عينية من الأراضي المخصصة لها، علماً بأنه لا يزال جاريا حالياً وبعد 6 سنوات من إقرار القانون اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن شهر الشركة تحت اسم تجاري وهو شركة تنمية الأصول العقارية.

الضغط على النواب

يفترض من المواطنين الضغط على النواب لتقديم حلول عملية لمشاكلهم المزمنة، وليس مساعدتهم على التهرب من مسؤولياتهم الرقابية النيابية من خلال دعم قانون قد لا يقدم ولا يأخر في القضية الإسكانية، بل يزيد في استمرار النواب في إلقاء اللوم على الحكومة في طلبات تقر الحكومة نفسها بعدم وجود أي جدوى اقتصادية لها من الأساس. ويبدأ هذا الحل العملي من مطالبة مجلس الأمة بعمل دراسة جدوى يتابعها المجلس بنفسه حتى يتمكن من صياغة قانون مناسب يكون له الأثر الفعلي في تسريع حصول المواطنين على وحداتهم السكنية.

نجاح غير مضمون

وعلى الرغم من تأكيد بعض النواب أن هذا القانون مختلف عن سابقاته، فإنه في الحقيقة لا يوجد هناك الاختلاف الكافي الذي يضمن أو يساعد بشكل جدي نجاح القانون أو الشركات المعنية بتطوير المدن، ذلك لأن القانون المقترح لا يعالج مسائل مهمة وعديدة، والتي يجب التركيز عليها أولاً قبل التسويق للقانون الذي قد لا يكون حلاً جذرياً كما يروج له، ومنها الآتي:

■ أولاً: دراسة الجدوى الاقتصادية هي أساس إنشاء الشركات، ولا جديد في القانون حول دراسة الجدوى، وعزوف المقاولين والمستثمرين الذي نتج عن الشركات التي سمح بتأسيسها في القوانين السابقة. لهذا يكون الأولى أن يوجه مجلس الأمة شركات عالمية لعمل دراسة جدوى لكل شركة ومشروع على حدة. وعلى أساس نتائجها تتم صياغة قانون خاص لكل شركة (مشروع) منها، بحيث يكون هناك قانون خاص لإنشاء شركة المدينة الإسكانية هذه أو تلك بعد ضمان وجود جدوى اقتصادية لتأسيس هذه الشركة.

■ ثانياً: يجب الانتباه إلى أن زيادة عوائد الشركة بشكل غير مدروس قد يسبب خسائر كبيرة في المال العام إذا تم رفع التكاليف على الدولة وتقليل التكاليف بشكل كبير على الشركة. كما يمكن أن تسبب خسائر للسكان لو كانت الإيجارات التجارية مرتفعة جداً، نظراً لتحميل المستثمرين هذه التكاليف على السكان عن طريق زيادة أسعار المنتجات والخدمات المقدمة.

■ ثالثاً: القانون المقترح يعفي مجلس الأمة من المسؤوليات الرقابية في إنشاء شركات تطوير المدن، ويلقي المسؤولية على الدولة التي تقر بعدم جدوى هذه القوانين والشركات كما حصل بالسابق. لذلك يجب أن يكون هناك قانون خاص يصدر من مجلس الأمة لكل شركة ومشروع يتحمل فيه النواب مسؤولية الدفاع عن المال العام وضمان حقوق المواطنين والمستثمرين.

■ رابعاً: لا يعالج القانون مسألة الدور الأساسي للمطور العقاري وقانوناً جديداً للرهن العقاري مترابطاً معه، بحيث يتمكن المواطنون من الحصول على منازل جاهزة وليست أراضي فضاء بشكل سريع وبأقل تكاليف ممكنة على المواطن وعلى الدولة، الأمر الذي يفترض أن يمثل قاعدة الأساس في أي مقترح يساهم في حل القضية الإسكانية.

محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي

 

أكبر ارشيف عقاري