انتشرت أخيراً تقارير عالمية تُفيد بأن امتلاك منزل في الكويت ضمن الأصعب عالمياً؛ لأن القدرة على تحمل تكاليف السكن هي الأدنى بين دول مجلس التعاون، حيث تُصنف الكويت بين أقل الأماكن في العالم التي يمكن فيها امتلاك عقار سكني بأسعار مناسبة وأسوأ حتى من نيويورك ولندن، لكن حقيقة الأمر أن هناك مغالطة كبيرة في الأرقام والمفاهيم لا يمكن تجاوزها ونفندها في ما يلي:
1 - عند النظر إلى مصادر التقارير يتبين أن الفترة التي تستغرقها الأسرة لامتلاك سكن تصل غلى حوالي 15.8 سنة (بناء على إحصاءات سعر العقار إلى الدخل)، لكن تلك المعادلة مبنية على أساس تملك الأسرة المقيمة في الكويت وليس بالضرورة الأسرة الكويتية لشقة متوسط مساحتها 90 متراً مربعاً. طبعاً هذه الحسابات ليست لها علاقة بالمواطنين وأسرهم؛ لأنهم لا يسعون بأي حال من الأحوال إلى تملك شقة مساحتها 90 متراً مربعاً لا تتطابق حتى مع مواصفات بنك الائتمان.
2 - لو حاولنا تحديد دخل الأسرة من معدل الأجور الشهرية للكويتيين الذكور سواءً العاملين في القطاع العام أو القطاع الخاص وهو 1823 ديناراً مضافاً إليه معدل أجور الكويتيات الإناث وهو 1272 ديناراً، لكان الإجمالي الشهري للأسرة أي دخل الزوج والزوجة هو 3095 ديناراً شهرياً أو 37140 ديناراً سنوياً. ولو ضاعفنا هذا الرقم 15.8 مرة، سنحصل على سعر 587 ألف دينار وهو رقم بعيد تماماً وأعلى بكثير من أسعار الشقق ذات الـ90 متراً مربعاً وأعلى أيضاً، بل يقارب ضعف أسعار البيوت السكنية في المناطق البعيدة أو ذات الأسعار المنخفضة نسبياً. وهذا يؤكد أن حساب الدخل لم يكن مبنياً على دخل المواطنين من الأساس على الرغم من عدم إمكان تملك الوافدين أو المقيمين عملياً العقارات السكنية في الكويت.
3 - المقارنة مع مدن مثل لندن ونيويورك وهي من أعلى المدن في دخل الفرد في إنكلترا والولايات ليست مقارنة مقبولة. فكأننا نقارن أسرة كويتية يكون الزوج والزوجة فيها أطباء أو في القطاع النفطي أو من أصحاب الكوادر والأجور الأعلى. وبالتالي فإن معدل دخل هذه الأسرة الشهري يفوق 5 أو 6 آلاف دينار وسعر المنزل المناسب لهم إن كان 600 ألف دينار فهو يعادل دخل 8.3 سنوات فقط وليس 15.8 سنة.
4 - في الكويت تحصل جميع الأسر الكويتية على السكن من الرعاية السكنية دون الحاجة إلى توفير أي مبالغ كانت. تحتاج الأسرة الكويتية فقط إلى الانتظار لسنوات معينة وفق التوزيعات والرغبة في المناطق أو السكن العمودي، وبالتالي فبمقارنة مع دول أخرى تكون الكويت هي الأسهل في تملك السكن؛ لأنه يأتي دون الحاجة إلى توفير مبلغ معين أو مستوى دخل محدد. فقط تسديد أقساط بنك الائتمان أو الرعاية السكنية والتي تأتي منخفضة جداً ويمكن أن تمتد فترة سدادها لمدة 58 سنة في بعض الحالات.
5 - شراء المنزل دون انتظار الرعاية السكنية ليس في مقدور الكثير من المواطنين، بل هو غير ممكن لفئات عديدة منهم نظراً للأسعار المرتفعة. لكن من الخطأ الافتراض أن يكون باستطاعة كل أسرة أن تشتري منزلاً دون انتظار الرعاية السكنية أو قبول تملك السكن العمودي، وإلا فلن يكون هناك حاجة للرعاية السكنية من الأساس.
توزيعات حكومية شبه مجانية
يجب أن يكون واضحاً لكل مهتم بالقضية الاسكانية أن تملك العقار السكني دون الحصول على توزيعات الرعاية السكنية ليس من أولويات الرعاية السكنية في الكويت، ويجب ألا يكون أمراً ذا أهمية طالما أنَّ هناك توزيعات حكومية شبه مجانية، بل الأولى هو تقليل تكاليف التوزيعات الحكومية على المواطن وعلى الدولة، وتوفير هذه التوزيعات بفترة زمنية أقصر، أما ارتفاع أسعار الأراضي والبيوت وشقق التمليك فهو في مصلحة الدولة إن أرادت أن تبيع الأراضي والمساكن للفئات المقتدرة من المواطنين المستحقين الرعاية السكنية والذين لا يريدون انتظار التوزيعات شبه المجانية، كما أنه في مصلحة جميع المواطنين الذين اشتروا تلك المنازل والأراضي وحتى المواطنين الذين حصلوا على التوزيعات الحكومية وليس هناك أي داعٍ للمزايدات في هذا الشأن.
محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي