وأشار التقرير الذي يحمل عنوان «السبيل إلى حل مشاكل القطاع السكني في دولة الكويت» والصادر عن شركة مارمور، الذراع البحثية لـ «المركز»، إلى أن المعروض من الوحدات السكنية لم يستطع مواكبة الطلب المتزايد، حيث بلغ عدد طلبات الإسكان المعلقة حتى عام 2020 في المؤسسة العامة للرعاية السكنية 91.794 طلبا، فيما تتراوح فترات الانتظار بين تقديم الطلبات والتخصيص ما يقارب 10 سنوات. كما تسبب نقص المعروض في ارتفاع أسعار المساكن الخاصة، مما أدى إلى خفض القدرة على تحمل تكلفة امتلاك المساكن الخاصة.
أسعار خيالية
ولفت «المركز» إلى أن القدرة على تحمل تكاليف السكن في الكويت هي الأدنى بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يبلغ معدل السعر إلى الدخل 15.8، وهو ما يجعلها احد أقل الأماكن في العالم التي يمكن فيها امتلاك عقار سكني بأسعار مناسبة. ويعد هذا المعدل، الذي يحسب من خلال قسمة سعر المنزل على متوسط دخل الأسرة، ما يقارب ثلاثة أضعاف المعدل في دبي وأبو ظبي، وخمسة أضعاف ما هو موجود في السعودية، ويفوق لندن ونيويورك. كما أن سعر الأرض، الذي يساوي حاليا %80 من قيمة المنزل، أعلى بكثير من المعيار الدولي البالغ %30.
عوامل مؤثرة
وفقًا لتقرير «المركز»، فإن أبرز العوامل التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة السكن تتمثل في:
أولاً: قلة مشاركة القطاع الخاص
ثانياً: التقسيم بكثافة منخفضة بالقرب من المناطق الحضرية
ثالثاً: محدودية الحصول على التمويل
رابعاً: ارتفاع تكلفة رأس المال المرتبطة بتطوير البنية التحتية
وتمتلك الحكومة نسبة %90 من الأراضي، وتقوم بتنظيم التطوير العقاري السكني من خلال تجزئة وتخصيص قطع الأراضي. كما تمنع القوانين الكويتية الشركات الخاصة من شراء العقارات السكنية والاتجار بها. وأدى التقييد في تقسيم المناطق السكنية إلى إنشاء أحياء خارج مدينة الكويت التي كانت مخصّصة للتطوير التجاري فقط. وتتطلب المناطق السكنية خارج المدينة مساحة لا تقل عن 375 مترا مربعا لكل قطعة أرض يتم تخصيصها كعقار سكني بواسطة المؤسسة العامة للرعاية السكنية. كما تم تحديد الكثافة السكانية عند 12 وحدة لكل هكتار، وهو ما تسبب في الزحف العمراني وارتفاع أسعار العقارات السكنية.
وتمثل مشكلة الحصول على التمويل عقبة رئيسية أخرى، حيث يتراجع رأسمال بنك التسليف الكويتي، الذي يعد المصدر الرئيسي لتمويل الإسكان.
نمو الطلب
توقع التقرير حدوث نمو سريع ومستدام في الطلب على المساكن في الكويت خلال المستقبل القريب، في ظل التركيبة السكانية الشابة، حيث إن ثلاثة أرباع السكان هم من فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 39 عاما، إضافة إلى تزايد معدلات تكوين الأسر الجديدة بصورة سنوية، مشيراً إلى حتمية اتباع نهج شامل يشمل تعاون العديد من أصحاب المصلحة، وإجراء إصلاحات هيكلية، فضلاً عن اتخاذ حزمة من المبادرات السريعة والموجهة، وذلك لمعالجة نقاط الضعف الرئيسية في قطاع العقارات السكنية وحل مشكلة الإسكان المستمرة في البلاد منذ فترة طويلة.
7 توصيات
تضمن التقريرعدة توصيات لردم الفجوة التي تتسع باستمرار بين العرض والطلب في برنامج الإسكان الحكومي، ومواجهة الطلب المتزايد على الإسكان الناتج بصورة رئيسية من التركيبة السكانية الشابة في المجتمع والتوسع الحضري المتزايد في البلاد:
1- ضرورة طرح المزيد من الأراضي على أطراف المدن
2- تقليل متطلبات تقسيم المناطق عبر زيادة كثافة الأراضي الحضرية السكنية
3- تحسين البنية التحتية وتسهيل الوصول للمدن
4- مراجعة نسبة المساحة الأرضية للشقق بهدف تحفيز تطوير مناطق سكنية عالية الكثافة
5- تقديم برنامج إسكان يلبي احتياجات العائلات ذات الدخل المرتفع والأخرى ذات الدخل المنخفض
6- سن قوانين للملكية المشتركة للعقارات
7- زيادة القدرة على تحمل التكاليف من خلال تمويل القطاع الخاص
تكاليف باهظة
أشار تقرير أصدرته المؤسسة العامة للرعاية السكنية في يونيو 2021 إلى أن البنك يمكنه تمويل 12 ألف قطعة فقط. وتتعامل البنوك المحلية بحذر في ما يتعلق بالقروض، لأن القانون يقيد إمكانية الحجز على المنازل الأولى حتى إذا كانت مرهونة.
ونتيجة لازدياد التوّسع الحضري بنسبة %100 والكثافة السكانية العالية التي تصل إلى 232 شخصا لكل كيلو متر مربع، فقد شهدت الكويت مؤخراً تركيزاً في التوجه لتطوير البنية التحتية التي لم تكن في الأساس مهيأة للكثافة الحالية. ولأن هناك حاجة ماسة في الوقت الحالي إلى تطوير مناطق جديدة لتلبية الطلب على العقارات السكنية، فمن المتوقع أن تكون النفقات المالية المطلوبة لدعم مرافق البنية التحتية مثل الطرق والمدارس والجامعات والمستشفيات عالية جداً.