تفاصيل الأخبار

صورة الكويت للإيجار
18/06/2022

الكويت للإيجار

وأنا أقود سيارتي في أحد الأحياء، مررت بعلامة «شقة للإيجار» وبرقم للاتصال به، وبينما أواصل السير في الشارع المكتظ، ألاحظ إشارة أخرى لشقة من غرفتي نوم.. مثير جدا. فجأة، أتوقف فقط لإفساح المجال لمجموعة من السيارات تغادر موقف السيارات في سرداب منزل ضخم متعدد الطوابق. أفكر في نفسي، ما الذي حدث في هذا المكان؟ أتذكر أنه حي هادئ مليء بمنازل عائلة واحدة وأطفال يلعبون في الشارع. تم تحويله إلى مكان من المنازل التي ليست حقا منازل، إنما هي مجمعات سكنية مليئة بالشقق.
في الماضي، كان البيت الكويتي مكانًا تجتمع وتعيش به العائلة بأكملها. شجّع الآباء ابناءهم الذين تزوجوا للعيش معهم، فقد كان جزءًا من الثقافة الكويتية. بعد الاحتلال العراقي تبنت البلدية قانونًا للحصول على شقة أو شقتين في الطابق الثاني من المنزل لتوفير مساحة لابناء مالك المنزل، ومع مرور الوقت بسبب أزمة السكن في الكويت، وآلاف الشباب الذين ينتظرون الحصول على فرصتهم وحقهم في الإسكان الحكومي وارتفاع تكاليف المعيشة والبناء، بدأ العديد من أصحاب المنازل في استئجار منازلهم للغرباء. وتحولت البيوت إلى استثمار، حيث يستخدم الناس كل المساحة المسموح بها بموجب القانون لتحسين دخلهم. في نهاية المطاف، استغل المستثمرون ارتفاع الطلب على الشقق وبدأوا في بناء مجمعات سكنية في مناطق سكنية نموذجية ومنخفضة الكثافة.

ونتيجة لهذه الظاهرة، ظهر البيت الصندوق، وهو نموذج أولي قبيح ومموج يسيطر على المشهد الحضري لأحياء اليوم. كما أدى هذا الوضع إلى زيادة حركة المرور على الطرق، وعدم وجود مواقف كافية، وإفراط في تحميل المياه والكهرباء والبنية التحتية العامة. لماذا تغض الحكومة الطرف عن هذا الموضوع؟ هل هو لملء الطلب الناجم عن عشرات الآلاف الذين ينتظرون السكن؟ أو هو ببساطة للحفاظ على ارتفاع الطلب على الاراضي لمصلحة أحد؟

في كلتا الحالتين من غير المقبول وجود جزء كبير من الوحدات للإيجار في مناطق سكنية وليست استثمارية. في الختام لا يسعني القول الا ان الهدف الاساسي من هذه المقالة هو تسليط الضوء على ظاهرة أجار الشقق في البيت الكويتي وارسال تنبيه للجهات المعنية. من الضروري للمؤسسة العامة للرعاية السكنية ايجاد حلول جديدة ومبتكرة، وعلى بلدية الكويت تطوير وتفعيل القوانين لجعل منازلنا حقا منازل وليست عمارات، فالحل ليس بزيادة الطوابق او نسبة البناء بل في توفير الاراضي والبدء بتنفيذ مدن كمدينة الحرير وليست فقط مناطق سكنية.

لكل مواطن الحق في العيش في منزله وعدم استئجار شقة بغض النظر عن مستوى الدخل. الحمد لله نحن من أغنى الدول في العالم مع أعلى نصيب من الناتج المحلي الإجمالي للفرد. ولذلك، فمن المؤسف، لسبب أو لآخر لا يترجم هذا إلى نوعية حياة افضل لمواطنيها. ماذا حدث لمنازلنا؟ ماذا حدث لأحيائنا؟ ماذا حدث لكويتنا؟!

د. يوسف عبد المحسن الهارون 

 

 

أكبر ارشيف عقاري