يشتري العديد من الكويتيين عقارات خارج الكويت في الدول القريبة الرخيصة نسبياً، بهدف تقليل تكاليف السفر والاستمتاع بأجواء لطيفة خلال الصيف الحار جداً في الكويت. مثلاً، يذكر العديد من المتقاعدين أن سفرهم إلى تركيا وعيشهم في المساكن المملوكة لهم هناك لمدة شهر أو شهرين أو أكثر يجعلهم ينفقون أموالاً أقل من إنفاقهم لو كانوا متواجدين في الكويت حتى بعد حساب تكاليف تذاكر السفر والمواصلات وخلافه.
لذلك، إذا افترضنا بيع العقار بعد 20 أو 25 سنة، ستكون مسألة شراء عقار في الدول الرخيصة مفيدة مالياً كلما زادت مدة الإقامة السنوية، وكلما ارتفع سعر العقار أو كان انخفاضه قليلاً مقابل الدينار وقلت تكاليف الصيانة والضرائب وخلافه. وهنا لابد من ذكر أن المالك يخسر فوائد المبلغ المستثمر طوال هذه الفترة، وحتى وإن كان صغيراً نسبياً. ولابد أن نذكر أيضاً مقدار الاستفادة المعنوية من السفر والإقامة، وكم يقيّم ذلك المالك بمبلغ مالي أي بالعامية «جم يسوى؟» أو هل سيحقق فائدة معنوية مقابل هذه التكاليف أم لا؟
وجهات بديلة
بعد الزلزال المدمّر الأخير في تركيا، بدأ العديد يتساءلون عن الوجهات البديلة الرخيصة التي يمكن أن يشتروا فيها عقارات، وما هي أبرز مميزاتها. لذلك تمت الاستعانة ببيانات البنك الدولي حول الناتج المحلي المعدل للقدرة الشرائية GDP- PPP، أي كلما كان البلد رخيصاً أصبح الناتج المحلي المعدل أعلى، وهذا ما يوضح كيف أن الولايات المتحدة هي الدولة الأعلى في الناتج المحلي في العالم، ولكن الصين هي الأعلى في الناتج المحلي المعدل للقدرة الشرائية. وطبعاً تم الاختيار والمقارنة بين أبرز الوجهات المباشرة للطيران الكويتي، وإضافة بعض الوجهات المحتملة الأخرى.
القدرة الشرائية
تمت مقارنة نسبة الفرق بين الناتج المحلي المعدل مع الناتج المحلي الاسمي للدول، ومن ثم مقارنة ذلك مع نسبة الكويت لبيان الفرق في القدرة الشرائية للمبلغ نفسه، سواء كان ديناراً أو دولاراً، وكانت النتائج أن القدرة الشرائية للمواطن الكويتي ترتفع بشدة في كل أوزبكستان (%125)، وإيران (%111)، ومصر (%80)، وجورجيا (%78)، والجزائر (%72)، والهند (%68)، وتركيا (%67)، وأرمينيا (%65)، وتونس (%55)، وأذربيجان (%54). لكن هذه المقارنة عامة وليست على مستوى المدن المهمة. إذ يفترض أن يشتري المواطن العقار السكني في المدن المهمة أو بالقرب منها، حتى يتمكّن من الحصول على الخدمات المناسبة، بما فيها الخدمات الصحية بسهولة.
عاملان أساسيان
من الدول السابقة سنركز على تلك التي تكون معدلات درجة الحرارة فيها صيفاً تحت 25 درجة مئوية، وهي جورجيا، وتركيا، وأرمينيا، وأذربيجان. بعدها سنركز على عاملين أساسيين وهما:
1 ــ تكاليف المعيشة من دون الايجار في المدينة المهمة أو المنطقة التي نريد التملك فيها مقارنة بتكاليف المعيشة في مدينة الكويت.
2 ــ تكلفة العقارات هناك.
وكأمثلة على أهم المدن في الدول الأربع السابقة، وهي إسطنبول وتبليسي وباكو ويريفان، تبيّن أن تكلفة العيش في باكو (أذربيجان) أرخص بنسبة %34 من مدينة الكويت من دون احتساب تكلفة السكن. ومعدل تكلفة تملّك المتر المربع للشقة في مركز المدينة 484 ديناراً، أي من دون الـ40 ألف دينار للشقة بمساحة 80 متراً مربعاً.
ثقافة الدولة
طبعاً، هناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار، بخلاف التكاليف ودرجة الحرارة في الصيف، وهي مدى تقبّل المواطن الكويتي لثقافة الدولة التي يرغب بالتملك فيها، مثل الأكل والعادات والتقاليد وغيرها، وهل يجيدون اللغة الإنكليزية؟ وهل هناك مخاطر في عملية توثيق الملكية؟ وهل هناك خدمات صحية مناسبة يمكن الوصول إليها بسهولة نظراً إلى طول فترة الإقامة؟
قناعات ورغبات
في النهاية تخضع مسألة تملّك العقارات في الدول الرخيصة لقناعات ورغبات وقدرات تختلف من شخص إلى آخر، لكنها يمكن أن تكون مجدية اقتصادياً كلما طالت فترة الإقامة وكانت تكاليف المعيشة منخفضة، وفي الوقت نفسه تجلب المتعة للمواطن صاحب العقار من دون تعريضه للمخاطر.
محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي