تفاصيل الأخبار

صورة العديلية.. «غريبة على أهلها!»
24/08/2022

العديلية.. «غريبة على أهلها!»

دارين العلي

يعاني سكان منطقة العديلية من استخدام منطقتهم كحقل تجارب في تحويلها إلى منطقة تجارية بشكل متسارع، لتعميم التجربة على مناطق سكنية أخرى تحوي الخدمات نفسها التي تتمتع بها المنطقة المصنفة بأنها «نموذجية» وفق المخطط الهيكلي للدولة.

ويشكو الأهالي من تعدد معاناتهم مع الازدحام وبروز ظواهر جديدة تهدد استقرار المنطقة، فمن ناد رياضي إلى سوق مركزي ومحال تجارية ومن اتحاد لكرة القدم إلى مجمع تجاري ومن جمعيات نفع عام إلى مطاعم ونواد صحية، ناهيك عن «عربات الطعام المتنقلة» التي انتشرت أمام أماكن الخدمات الاجتماعية والسينما العملاقة المزمع إنشاؤها كواجهة لأحد الأسواق والتي ستحول «العديلية» إلى منطقة أخرى غريبة على أهلها (بحسب تعبيرهم)، وإخراجها من طابعها السكني النموذجي الاجتماعي.

صرخة يطلقها أهالي المنطقة عبر «الأنباء» رافضين أن تتحول «العديلية» إلى منطقة تجارية بمخالفة طابعها وفق المخطط الهيكلي للدولة، وهي التي كانت تتحلى بالسكينة والهدوء باتت تشهد شوارعها وأحياؤها أعمال عنف ومشاكل أخلاقية على حد قول قاطنيها، فإلى تفاصيل هذه المعاناة:

بداية، أعرب عضو لجنة «العديلية منطقة سكنية» محمد البحر عن أسفه من تحول المنطقة إلى حقل تجارب فبعد أن كانت من أفصل المناطق السكنية النموذجية، تحولت في الفترة الأخيرة وخاصة في فترة كورونا إلى منطقة تجارية بسبب الهجوم التجاري والاستثماري غير المعقول عليها.

وفند البحر أصل المشكلة التي تتفاقم يوميا بتغيير نوع النشاط المخصص للخدمات في المنطقة موردا أن نادي كاظمة الرياضي الذي يهدف إلى خدمة شباب المنطقة تحولت أسواره إلى متاجر ومطاعم وكذلك سوق مركزي خاص يتم تشييده حاليا مع أن المنطقة ليست بحاجة له في ظل وجود جمعية تعاونية بجميع خدماتها.

وقال إن جمعيات النفع العام في المنطقة تحولت إلى مطاعم وأندية صحية، وكذلك تمت الموافقات على إنشاء مجمع تجاري في اتحاد كرة القدم مع العلم أن الاتحاد من المفترض أن يكون نشاطه رياضيا بحتا، مضيفا أن «صالة الميلم» التي تهدف إلى الخدمة الاجتماعية لا يتم استخدامها حاليا بسبب العربات المتنقلة للطعام والموجودة بكثرة داخل مواقف الصالة بكل ما فيها من مشاكل وما يعرف عنها والتجمعات التي تحصل أمامها.

ممارسات مستجدة

وأضاف أن المشاكل الاجتماعية داخل الفرجان باتت غير طبيعية وغير مألوفة على سكان المنطقة وظهرت ممارسات غريبة من قبل الشباب والسيارات التي تقف داخل الفرجان وحتى مخفر المنطقة تغيرت أنواع الشكاوى التي صار يستقبلها يوميا، حيث كانت أقصاها هروب خادمة أو حادث سيارة، أما مشاكل اليوم فتجاوزت منطقة سكنية هادئة وهي حوادث طعن ومشاكل أخلاقية وغيرها.

وقال: «تحسدنا دول الغرب على النظام التعاوني الذي تمتاز به الكويت، إلا أنه مهدد بسبب تعارض القوانين والمصالح ونحن مطلبنا الرئيسي أن تعود لهذه المنطقة طبيعتها الاجتماعية».

ما بعد الثانية عشرة

وتحدث عضو لجنة «العديلية منطقة سكنية وليس تجارية» صلاح موسى سيف عن القرار الإداري رقم 215/2009 الذي ينظم مواقيت العمل بالنسبة للمحال التجارية وينص على إغلاق المحال التجارية بعد الثانية عشرة ليلا ما عدا الجمعيات التعاونية ولا استثناء إلا بموافقة وزارة الداخلية.

وطالب سيف بتفعيل هذه القرارات ومتابعتها من الجهات المسؤولة إذ إن ما يحصل عكس ذلك، لافتا إلى أن النهار يبدأ في مطاعم ومحلات العصير والعربات المتنقلة ما بعد منتصف الليل ويمتد حتى ساعات الفجر وما يسببه ذلك من إزعاج بسبب أصوات السيارات والرعونة في القيادة وغيرها، عدا أن أكثر العربات المتنقلة دون ترخيص.

تلوث بيئي

وقال سيف إن المشكلة ليست بالإزعاج فقط وإنما أيضا لأنه لا توجد أي معايير صحيحة لهذه العربات المتنقلة سواء في التخزين وفي ملاءمة الأجواء والحرارة، ما قد يؤدي إلى تلف الأطعمة التي تبيعها، كما أن هذه العربات تقوم برمي مخلفاتها في المنطقة والزيوت تسكب في شبكة الصرف، وقد تم إبلاغ «البيئة» للقيام بحملة في المنطقة، وبالفعل تمت مخالفة عدد منها وإزالتها إلا أنها عادت تعمل كما كانت.

وشدد على ضرورة تخصيص مناطق محددة لهم وفق المواقع التي خصصت في السابق بموافقة وزارة التجارة وهي 9 مواقع مناسبة وفيها خدمات البنى التحتية والخدمات الداخلية والصحية.

وأكد أن مشاكل المنطقة تنعكس على أهاليها سلبا من ناحية الإزعاج ومن ناحية خروج مظاهر اجتماعية مستجدة وغير مقبولة كمسألة المعاكسات ووجود سيارات في المنطقة بشكل مريب للسكان.

«جابرية» أخرى

بدوره، قال م.أنور العليمي عضو «لجنة نهتم» من سكان منطقة العديلية إنه يسكن بالمنطقة منذ أكثر من 50 سنة ومن مواليدها وتدرج بالدراسة فيها، مشددا على أن أبناء المنطقة يعملون على تطويرها والارتقاء بها، لكن ما يحصل حاليا لا يبشر بالخير.

وقال: لقد أصبحت مسألة دخولنا وخروجنا إلى المنطقة بمنزلة معاناة بسبب السيارات والتجمعات والازدحام الذي يستمر حتى ساعات الفجر، مضيفا ان هذا الهم يزيد في الشتاء مع تحسن أوضاع الطقس فتزيد التجمعات والأنشطة والبرامج، قائلا: «منطقتنا ستتحول إلى جابرية أخرى وهذا أمر نحن لن نسكت عنه وسنطرق جميع الأبواب لوقف هذا التحول السريع ونأمل من أصحاب القرار التعاون معنا».

ولفت إلى أن المساحة التي تقف فيها العربات المتنقلة محدودة وكذلك تحتاج إلى بنية تحتية مجهزة في مكان تجمعها من خدمات وكهرباء وغيرها، فالمخلفات مثلا كانت ترمى في المنطقة وتم طلب حاويات ووضعها في مكان تجمعها، أما الكهرباء فجميع العربات تعمل على المولدات وما يسببه ذلك من ضجيج مستمر على مدار الساعة وخاصة في المساء.

وأكد على تشجيع أهالي المنطقة المشاريع الصغيرة والشباب الكويتي على العمل، وكذلك دعم وزارة التجارة في وضع القوانين التي تنظم عمل عربات التنقل، إلا أنه يجب وضعها في أماكن مقننة ومحددة وفقا للمواقع التسعة التي حددتها وزارة التجارة وليس في المناطق السكنية، بل مناطق مجهزة بالبنية التحتية التي تحوي الخدمات المطلوبة.

وأكد أن كثيرا من هذه العربات لا تمتلك تراخيص وتعمل كذلك في تقديم الطعام وغيره دون الاهتمام بالمواصفات والمعايير.

وزاد أن الأمر لا يقف على عربات التنقل وإنما يتخطاه إلى تحويل المنطقة إلى تجارية بوجود هذا الكم الهائل من المحال التجارية وبناء سوق مركزي ومجمع تجاري وغيرها الكثير في منطقة واحدة.

كتل استثمارية ضخمة

من جهته، أكد كبير مهندسين في الهيئة العامة للرياضة م.علي عبدالجليل أن توجه أبناء المنطقة للمناداة بأن تعود منطقتهم «سكنية» وليس «تجارية» يتوافق مع المفهوم البلدي في التنظيم إذ انه وفقا للتنظيم الهيكلي فالمناطق النموذجية قليلة الكثافة ووضع كتل استثمارية بهذا الحجم يبعدها عن المفهوم التنظيمي السليم كمنطقة سكنية.

ولفت إلى أنه حاليا يتم نسف جميع مبادئ وأساسيات التخطيط الحضري السليم وأنسنة المدن وأبرزها السكينة والنظافة العامة للمناطق النموذجية، مشيرا إلى ان العديلية مجرد نواة لجميع المناطق التي ستعاني أيضا من هذا الأمر بعد العديلية.

وأكد وجوب التركيز على الجانب الفني في وضع الكتل الاستثمارية في المناطق، لافتا إلى أن البلدية أوقفت مشروع ملاعب التنس في مجمع 360 بسبب وجودة على أطراف منطقة نموذجية وهي ضاحية الزهراء واشترطت عدم وجود مداخل من داخل المنطقة السكنية عليها فكيف بها توافق على وجود مجمع تجاري وسوق مركزي في منتصف منطقة سكنية.

ولفت إلى ان هناك استثمارات تم منحها لاتحاد الكرة وجمعيات النفع العام ونادي كاظمة بحجة ان يكون لديها اكتفاء ذاتي وتمول نفسها بنفسها، مشيرا إلى أن هذا الأمر يمكن أن يتم عبر منحها أراض في أماكن محددة يمكن استغلالها لهذا الغرض ولكن ليس داخل منطقة سكنية.

وتابع: تمت الموافقة على عدة مشاريع رياضية في العديلية مثل مشروع مجمع صالات نادي كاظمة الرياضية وجاري توقيع ستاد للنادي وغيرها فكيف سيتم وضعها جنبا إلى جنب مع المحال والأسواق التجارية في النادي، متسائلا: هل البنية التحتية في المنطقة مدروسة وتستوعب هذه الكتل الاستثمارية التجارية إلى جانب الخدمات والمشاريع الجديدة التي تخدم أبناء المنطقة؟

في غفلة من الزمن

بدوره، تحدث أحد سكان المنطقة إياد القرطاس معبرا عن انزعاجه من تواجد العربات المتنقلة في منطقة سكنية وجدت للسكينة والسكنى وليست للتجارة، معتبرا ان تراخيصها من وزارة التجارة خرجت بشكل غير مدروس وفي غفلة من الزمن أيام كورونا.

وتطرق للمشكلات التي تحصل بجوارها وخاصة خلال العطلة الأسبوعية، مطالبا المسؤولين بإيقاف ما يحصل ووضع هذه المشاريع الصغيرة في المناطق المناسبة وفي حدود معينة وأيام المناسبات ووزارة التجارة حددت 9 مواقع ومنها المزارع العبدلي والوفرة والشاليهات وعلى الواجهة البحرية يجب أن يتم الالتزام بها.

تجاهل اللجنة الفنية

وشدد على انه على البلدية العودة إلى اللجنة الفنية ومعرفة رأيها عن هذا الأمر، فاللجنة الفنية لم تعط رأيها أبدا ولم تتم إجراء دراسة مرورية ودراسة فنية للبنى التحتية، وحتما لم يتم اتخاذ رأيها بالموضوع وإلا لا توافق عليه لا مروريا ولا فنيا، فنحن في أيام الازدحام في حال حصول طارئ لا يمكن لسيارة الإسعاف أو المطافي الوصول إلى الموقع بسبب الازدحام الشديد وهذا حصل فعلا في احدى المرات.

وختم بقوله: ما نطلب به هو عودة العديلية إلى مطابقة القانون، ففي المخطط العام للدولة هي منطقة سكنية النظام التعاوني فيها موجود ومتكامل، ولا تحتاج لأسواق مركزية، وجمعيات النفع العام كذلك والأندية الرياضية وجدت لخدمة أبناء المنطقة أهليا ورياضيا، كما أن نقل اتحاد الكرة إلى مكان آخر هو مطلب أساسي سواء لأهل المنطقة أو للاتحاد أنفسهم الذين طلبوا النقل في وقت سابق.

الكندري: المخطط الهيكلي يتم اختراقه ولن يكون هناك مكان للمناطق السكنية مستقبلاً

تواجد النائب السابق المحامي عبدالله الكندري في ديوانية الرعيل الأول لدعم توجه أهالي المنطقة، لافتا إلى أن ما تعانيه «العديلية» هو نفسه ما يعاني منه عدد من المناطق النموذجية التي يستشري فيها الاستثماري والتجاري على السكني، فالأندية الرياضية أصبحت أماكن للاستثمار والمناطق الصناعية باتت سكنا للعزاب وكأن المخطط الهيكلي لسنة 2008 يتم اختراقه ولا يتم تطبيقه بالمطلق.

ووجه الكندري رسالة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف، بضرورة النظر إلى ما يحصل من اختراقات لقانون المخطط الهيكلي للدولة، واصفا ما يحصل بأنه استغلال ونفوذ وخلل في تطبيق القانون.

وأشار إلى أن قرارات إعفاء وإحالة وتنحية الموجودين في الهيئة العامة للرياضة دليل على وجود خلل في تطبيق القانون وهذا ما يوجب إعادة النظر في القرارات التي تم اتخاذها من قبل هذه الهيئة ومنها قرار الاستثمار داخل اتحاد الكرة في منطقة العديلية بالسماح بأكثر من ترخيص 60 محلا تجاريا، كما أن هذا الأمر يتعارض مع قانون إنشاء هيئة الرياضة 1992 الذي يهدف إلى التنشئة الرياضية وليست التنشئة التجارية.

وذكر أنه إذا كانت الخطة خفض الإنفاق على الأندية وتشجيع الاستثمار وتغطية المصروفات والاكتفاء الذاتي لها فهناك حلول أخرى دون تخريب المناطق السكنية وهي بمنحها أراضي في مناطق أخرى يمكن أن يتم استثمارها تجاريا وعائداتها تغطي نفقات هذه الأندية وهذا ما يحصل فعلا في الدول المحيطة.

وشدد على انه إذا لم يتم التوقف عن هذه المخالفات وهذه المشاريع فسوف تتحول جميع مناطق الكويت إلى تجارية واستثمارية ولن يكون هناك مكان للمناطق السكنية، لافتا إلى أن السكوت عن منطقة الجليب كلف الدولة أموالا طائلة في حال استملاكها وإذا تم السكوت عن تخريب المخطط الهيكلي للدولة

مصدر الأخبار https://www.alanba.com.kw/1137119

أكبر ارشيف عقاري