تفاصيل الأخبار

صورة التعديل الصحيح للتركيبة السكانية.. يبدأ بالعمالة المنزلية
14/08/2022

التعديل الصحيح للتركيبة السكانية.. يبدأ بالعمالة المنزلية

بعد حلّ مجلس الأمة في 2 أغسطس 2022، بدأت تظهر برامج المرشحين الانتخابية التي تعتمد على أهداف غير واقعية، مثل تعديل التركيبة السكانية واسقاط القروض وغيرها، اذ يستغل المرشحون قلة وعي المواطنين حول كون هذه المطالبات غير واقعية كما يستغل المرشحون عدم إدراك المواطنين بالأضرار التي يمكن أن تنتج للاقتصاد وحتى للمواطنين أنفسهم لو تحققت مثل هذه المطالبات.

لندع قضية اسقاط القروض لأنها غير مقبولة شكلا، وحتى موضوعا، ونركز على قضية التركيبة السكانية التي يمكن قبولها شكليا لأسباب أمنية واجتماعية، لكنها غير مقبولة وضارة على أرض الواقع. فلو نظرنا إلى القطاع الحكومي، الذي يشكل فيه المواطنون العاملون نسبة %76، سنجده يعاني من البطالة المقنعة وقلة الإنتاجية. بينما لا يعاني القطاع الخاص الذي يشكل فيه المواطنون نسبة %4 من نفس هذه المشاكل. وبالتالي هل يمكننا فعليا تقليل أعداد الوافدين المنتجين العاملين في القطاع الخاص، الذين يبلغ عددهم 1.5 مليون؟ وهل يستطيع أو يريد المواطنون القيام بأعمالهم وتقاضي أجورهم حتى بوجود علاوة دعم العمالة؟

العمالة المنزلية.. غير مجدية اقتصادياً

من جانب آخر، لو نظرنا إلى العمالة المنزلية التي غالبا ما تخدم المواطنين، إلا في حالات نادرة جدا، لوجدنا أن عددها 723 ألف عامل وعاملة وتشكل ما نسبته %49 من اجمالي المواطنين، و%23 من اجمالي عدد الوافدين، و%16 من اجمالي السكان، ثم تساءلنا عن فوائدها الاقتصادية لوجدنا الآتي:

1 - العمالة المنزلية ليست لها فوائد اقتصادية مجدية، فهي لا تزيد دخل صاحب العمل إلا في حالات خاصة، وتتسبب باختلالات اجتماعية وصحية بسبب المبالغة في الاعتماد عليها.

2 - العمالة المنزلية ليست لها حسابات بنكية ولا تستأجر سكنا، وتحول غالبية دخلها إلى البلد الذي أتت منه، وبالتالي لا تسهم بشكل فاعل في زيادة الناتج المحلي، بل تؤثر سلبا في مستوى دخل الفرد في الكويت. مثلا، لو رجعنا لبيانات البنك الدولي حول الناتج المحلي للكويت لسنة 2019 لوجدنا أن مستوى دخل الفرد في الكويت سيرتفع بنسبة تقارب الـ%20 لو تم تخفيض عدد السكان بنسبة %16 مع إبقاء اجمالي الناتج المحلي كما هو (من مستوى 32.3 الف دولار إلى 38.5 الف دولار سنويا).

3 - كذلك الوافدون المخالفون لقوانين الإقامة الذين يعملون وينتجون ولا يشكلون مشكلة أمنية يسهمون في تنمية الناتج المحلي أكثر من العمالة المنزلية بسبب استئجارهم لسكنهم وإنتاجيتهم في العمل.

مساهمة الوافد في النمو

هل يريد المواطنون، او يستطيعون، الاستغناء عن العمالة المنزلية لتعديل التركيبة السكانية لتصبح نسبة المواطنين تقارب الـ%38 بدلا من %32 كما هو الحال الآن؟

العمالة الوافدة هي أساس النمو الاقتصادي في الكويت ويمكن الاستشهاد بتجارب الامارات وقطر في هذا الشأن، بل يمكن النظر إلى الإجراءات التي اتخذتها كل من البحرين والامارات لجذب وتسهيل الإقامة الطويلة للوافدين المتقاعدين الذين لديهم دخل ثابت ليعيشوا براحة وأمان ويساهموا بتنمية الاقتصاد المحلي لكل من الامارات والبحرين. كما يمكننا النظر أيضا للتوجيهات الأخيرة لسمو ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان بزيادة نسبة الوافدين في السعودية إلى %50 بحلول عام 2030 مقارنة بما يقارب الـ%38 حاليا.

المشكلة.. والحل

المشكلة في الكويت ليست في نسبة الوافدين في التركيبة السكانية، بل في كيفية التعامل معها وتوفير الخدمات الكافية والمناسبة لكل من المواطنين والمقيمين من طرق ومستشفيات وغيرها دون الإخفاق في تحقيق الرفاهية المطلوبة للمجتمع، وهو الأمر الذي يجب أن يعيه الكويتيون لتكون مطالباتهم مفيدة لهم ولبلدهم، حتى لا يكونوا ضحية سوء استغلال المرشحين.

محمد رمضان

كاتب وباحث اقتصادي

 

أكبر ارشيف عقاري