محمد عواضة -
لا شك أن قطاع تأجير المكاتب يعد جزءاً من النشاط العقاري الذي يعتبر من أهم أركان الاقتصاد، بما يمثله كقاطرة للعديد من القطاعات الحيوية، فيما يبدو أن قرار وزارة التجارة والصناعة بشأن إعفاء 54 نشاطاً من عقد الايجار لتصدير الرخصة التجارية ومن دون الحاجة إلى تأجير مقر، سيلقي بظلاله على معدلات أشغال قطاع المكاتب، في حال استغنت بعض الأعمال التجارية عن مواقعها المؤجرة واتجهت للعمل من المنزل أو عن بعد.
عقاريون لـ القبس اعتبروا أن القرار سيؤثر بشكل مباشر في المكاتب ذات المساحات التي لا تتعدى 30 أو 40 متراً مربعاً، والتي أغلبها تتمركز خارج حدود مدينة الكويت، فيما تبقى المكاتب الكبيرة، لا سيما الموجودة بالأبراج التجارية بعيدة عن تداعيات القرار وستحافظ بشكل عام على نسب أشغالها، فيما يرى آخرون أن الوقت مبكر لمعرفة تداعيات القرار على قطاع المكاتب.
تأثير مباشر
أكد رئيس اتحاد العقاريين إبراهيم العوضي أن قرار «التجارة» بإعفاء بعض الأنشطة التجارية من عقد الإيجار سيؤثر بشكل مباشر في سوق إيجارات قطاع المكاتب وعلى معدلات الإشغال.
وقال إن قطاع المكاتب في الكويت مصنف إلى أقسام منها التي تقع في أبراج تجارية وتضم مساحات كبيرة جداً، حيث تقوم الشركات باستئجارها وممارسة نشاطها من خلال دوام رسمي، وهذه يصعب تأثرها بالقرار.
فيما اعتبر العوضي أن سوق المكاتب صغيرة الحجم التي تقدر مساحاتها بنحو 30 أو 40 متراً مربعاً أو ما دون هي التي قد تتأثر بالقرار، والتي عادة ما يلجأ إليها الراغب في إنشاء نشاط جديد أو صاحب الرخصة التجارية الذي يضطر إلى تأجير مقر مؤقت لاستكمال اجراءات الترخيص وبعد حصوله على جميع الموافقات اللازمة يقوم بإلغاء عقد الإيجار.
وأشار إلى أن أغلب المكاتب الصغيرة تتمركز خارج حدود مدينة الكويت، وبالتالي فإن مكاتب العاصمة عموماً لن تتأثر بالقرار، فيما يبقى التأثير الأكبر على المكاتب التي تقع ضمن مناطق أخرى، مثل حولي والسالمية والفروانية وخيطان وغيرها، والتي عادة ما تكون صغيرة الحجم.
إعادة ترتيب الاستثمارات
توقع العوضي أن تتراجع نسب اشغال قطاع المكاتب، كون أن نموذج العمل لبعض الأبراج مبنية على أساس احتوائها لمكاتب صغيرة تعتمد على حاجة أصحاب الرخص، وبالتالي يجب عليها اليوم أن تعيد تشكيل وترتيب استثماراتها بما يتواءم مع القرار والبحث على أنشطة أخرى، خصوصاً فيما يتعلق بالمكاتب الواقعة في السراديب والميزانين بالمجمعات المنتشرة في المناطق المذكورة، التي بعضها يستغل للترخيص عليها ثم التخلي عنها، وهذا ما ينطبق بشكل كبير على الأنشطة التي لا تحتاج إلى مقر أو لتسجيل عمالة، وهي تمثل نسبة لا بأس بها.
ورأى بأن هناك بعض المحال أو المكاتب الصغيرة ستستمر بعملها كالمعتاد، كون مستأجريها لا يحتاجون إلى مساحات كبيرة لممارسة نشاطهم التجاري.
وختم العوضي بالقول: «يصعب عموماً معرفة مدى تأثير القرار على قطاع المكاتب حالياً، لأنه مازال في مراحله الأولى، ولم نشاهد حتى الآن أي ردات فعل، سواء سلبية أو إيجابية من السوق، واعتقد أنه في المقبل من الأيام ستتضح الصورة بشكل أكبر».
السمسرة العقارية
قال نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار عماد حيدر إنه لا بد من إعادة النظر في القرار الوزاري 86 / 2023 بشأن الأنشطه ذات الطبيعة الخاصة ومراجعته، خصوصاً فيما يتعلق بأعمال «السمسرة العقارية».
وأضاف «نحن كاتحاد وسطاء العقار قطعنا شوطاً كبيراً على مدار 6 سنوات في تنظيم مهنة الوساطة العقارية، فتم التعاون مع إدارة مكافحة غسل الأموال وإدارة العقار بوزارة التجارة لسد باب من أبواب غسل الأموال والنصب العقاري ومنع الدخلاء على المهنة والجائلين من الإساءة الى سوق العقار الكويتي وعمل ورش عمل ودورات مراقب الالتزام وارشيف لمدة خمس سنوات لكل مكتب عقاري له مقر رسمي ليأتي القرار ويلغي المقر الرسمي ويبدله بعنوان البيت في البطاقة المدنية».
وأردف «من المعروف أن معظم العناوين في البطاقة المدنية غير صحيحة وهذه حقيقة لا تخفى على أحد وحتى الإجراءات الأمنيه والرقابية على المنازل معقدة وتختلف عن الرقابة على المحال والمكاتب، ولا شك أن القرار سيزيد من الوسطاء الجائلين والدخلاء على المهنة».
صفقات «قهوة الدلالوة»
أوضح حيدر أنه حالياً بصدد تدشين عقد الوسيط الالكتروني الذي يحتاج الى كمبيوتر وبرنت وسكنر، ومن غير المعقول أن يحمل الوسيط هذه الأجهزه من مكان إلى آخر ليعقد صفقة، في الوقت أن الدول الأخرى تتباهى بمكاتبها العقارية وبقاعة الاجتماعات وغرف العرض وطاقم العمل الاحترافي، فيما القرار المذكور يشجع على العوده الى عقد الصفقات في «قهوة الدلالوة بسوق الجت».
الوقت مبكر
أفاد الخبير العقاري سليمان الدليجان بأن الوقت مبكر لمعرفة تداعيات قرار «التجارة» على قطاع المكاتب بشأن اعفاء 54 نشاطاً من عقد الإيجار.
وقال «تجب معرفة عدد الأشخاص الذين سيعملون في المنازل قبل أن نرى مدى تأثير القرار في سوق المكاتب، ولكن حالياً من الصعب التوقع، ويتوقف ذلك على الاقبال والشروط الموضوعة لذلك».
فائدة للمبادرين
قال مدير شركة اللهيب العقارية سليمان اللهيب إن قرار «التجارة» بإعفاء بعض الأنشطة من عقد الإيجار سيكون له أثر إيجابي في الشباب الكويتي والمبادرين الراغبين في البدء بممارسة نشاط تجاري جديد.
أما من الناحية العقارية، فرأى اللهيب أن القرار سيؤثر في معدلات إشغال قطاع المكاتب، الذي أساساً يعاني من ارتفاع معدلات الشواغر بنحو %15 تقريباً، وربما تصل إلى %20 خلال المرحلة المقبلة، نتيجة الصعوبات الاقتصادية والزيادة الحادة في المساحات المكتبية المتاحة في السوق.
واقترح بأن يكون هناك تنسيق مشترك بين بلدية الكويت ووزارة التجارة للخروج بقوانين وقرارات توازن بين العرض والطلب من خلال تحويل بعض رخص المكاتب إلى محال تجارية في عدد من المناطق التجارية الحرفية، مثل منطقة الأسواق (المباركية)، والشويخ والري والعارضية... إلخ، وذلك لتقليص المعروض من المكاتب.
وأكد أنه لا بد من وضع حلول عملية لتجاوز هذه الأزمة من خلال خفض الإيجارات للمحافظة على المستأجرين، والتوقف عن بناء المزيد من العقارات المكتبية لعدم الجدوى الاقتصادية منها في الوقت الحالي.
وفي ختام تصريحه، أثنى اللهيب على جهود وزارة التجارة والجهات المختصة على مساهمتهم بتعظيم دور القطاع العقاري في دعم الاقتصاد الوطني.